انتهت لجنة الأحزاب السياسية، التابعة للمحور السياسي، في جلسات الحوار الوطني، اليوم، إلى خمس توصيات، توافق عليها ممثلو أحزاب المعارضة والأحزاب المؤيدة للنظام، بل وممثل الحكومة، بشأن تفعيل دور الأحزاب السياسية وإزالة المعوقات أمام عملها، واختلفوا حول توصية سادسة، تذهب إلى تشكيل مفوضية لإدارة شؤون الأحزاب بديلة عن اللجنة الحالية.
وشهدت جلستا اللجنة، اللتان انعقدتا بداية من الحادية عشر من صباح اليوم وتواصل اجتماعهما إلى ما بعد السادسة مساءً، حضورًا وتمثيلًا واسعًا لممثلي جميع أحزاب الحركة المدنية، باستثناء حزب «التحالف الشعبي»، الذي غاب ممثله، هيثم الحريري، عن الحضور، فيما حضر ممثلو جميع أحزاب الحركة وتحدث عنهم أكثر من 30 ممثلًا، طالبوا جميعًا بالإفراج عن جميع سجناء الرأي، وأعضاء الأحزاب السياسية، والتوقف عن القبض على آخرين.
وحدد المقرر المساعد للجنة، والمتحدث باسم الحركة المدنية، خالد داوود، عددًا من الأسماء للإفراج عنها، أبرزهم: المدون علاء عبد الفتاح، والناشط السياسي أحمد دومة، والمحامي محمد الباقر، والناشط محمد إبراهيم (أكسجين)، فيما طالب عضو حزب «العيش والحرية»، مصطفى شوقي، خلال كلمته بالإفراج عن رئيس حزب «مصر القوية»، عبد المنعم أبو الفتوح، ونائب رئيس الحزب، محمد القصاص، والكشف عن مكان الناشط الطلابي، معاذ الشرقاوي. وقال شوقي إن معاذ «مقبوض عليه بقاله 11 يوم، ومنعرفش عنه حاجة»، مضيفًا: «إحنا جايين عاصرين على نفسنا لمونة، وبنشارك في الحوار، وفيه على الأقل 5 من أعضاء الأحزاب مقبوض عليهم».
وتضمنت التوصيات المتوافق عليها، تعديل قانون الأحزاب الحالي، لتسهيل إجراءات تأسيس الأحزاب من ناحية، وتحديد آلية لاندماج الأحزاب المتشابهة في الأفكار والإيديولوجيات، وعودة دعم الدولة للأحزاب ماديًا بشكل مباشر وغير مباشر، فضلًا عن تمكين الأحزاب من الأنشطة الجماهيرية، وغل يد الأجهزة الأمنية عن ملاحقة والقبض على أعضاء الأحزاب ورؤسائها، إضافة إلى ضرورة أن تقف أجهزة الدولة على مسافة واحدة من جميع الأحزاب، وتمكين أعضاء الأحزاب السياسية بمختلف توجهاتها من الظهور الإعلامي بشكل متساوٍ على وسائل الإعلام المملوكة للدولة، وقد حددها المنسق العام للحوار، ضياء رشوان، في الصحف ووسائل الإعلام التابعة للهيئتين الوطنية للصحافة، والوطنية للإعلام، دون الخاصة.
وفي كلماتهم، اتفق ممثلو أحزاب الحركة المدنية، على أن الدولة مسؤولة عن موت الحياة الحزبية، مشددين على أن هناك أحزابًا يُسمح لها بعمل مؤتمرات جماهيرية وشوادر في الشوارع والميادين لبيع السلع، وهناك أحزاب لا يسمح لها بتأجير قاعة داخل أي فندق أو نادٍ لعمل إفطار رمضان، وهو ما اختلف معه ناجح جلال، أحد ممثلي حزب «مستقبل وطن»، مؤكدًا أن المناخ الحالي يكفل لهم ممارسة أنشطتهم الحزبية بشكل مناسب، ما رد عليه عضو مجلس الأمناء، مصطفى كامل السيد، بأن هناك أحزابًا كبيرة، ليس لأن لها قاعدة اجتماعية كبيرة، وإنما لأنها تحظى بدعم الدولة ورعايتها.
وفيما يتعلق بالتعديلات المطلوبة على قانون الأحزاب السياسية، اقترح ممثل حزب «الريادة»، كمال حسانين، أن يكون رئيس الحزب من أبوين مصريين وليس من أب مصري فقط، كما هو منصوص عليه في القانون الحالي، فيما اقترحت ممثلة «العيش والحرية» سوزان ندا، أن يتم النص في القانون الحالي، على أن يكون رئيس الحزب من أب أو أم مصرية ضمانًا للمساواة بين المرأة والرجل، واتفق ممثلا الحزبين، وإلى جانبهما ممثلو أحزاب «المحافظين»، و«الإصلاح والتنمية»، و«الشيوعي»، و«الاشتراكي»، على ضرورة حذف الشرط الخاص بوجوب انضمام خمسة آلاف عضو للحزب بخمس محافظات، كشرط لتأسيس الحزب، وتخفيض هذا العدد، حتى لا تستمر أوراق الأحزاب التي لم تستطع استيفاء هذا الشرط أمام لجنة شؤون الأحزاب عدة سنوات أخرى، إضافة إلى حذف الشرط الخاص بنشر أسماء أعضاء الحزب في جريدتين واسعتي الانتشار، لأنه شرط مكلف، وأن يتم استبداله بالنشر على موقع لجنة شؤون الأحزاب، مع السماح للأحزاب بإنشاء مواقع إلكترونية وقناة تلفزيونية لكل حزب، بعد إعفائهم من الرسوم المنصوص عليها في قانون المجلس الأعلى للإعلام.
وفيما يتعلق بالدعم المالي، اقترح المشاركون من مختلف الأحزاب السياسية، عودة الدعم الحكومي المالي، وأن يسمح القانون الجديد بتبرع الشخصيات العامة للأحزاب السياسية، وخصم هذا التبرع من الوعاء الضريبي للمتبرع، ومساواة الأحزاب بالمؤسسات الأهلية التي سمح قانونها مؤخرًا بممارسة أنشطة تجارية واستثمارية تدر ربحًا، كما طالب ممثل حزب «التجمع»، عاطف مغاوري، بإعفاء الأحزاب من الضرائب والرسوم، وعدم محاسبتها تجاريًا في فاتورة المرافق (المياه والكهرباء والتليفونات).
واقترح ممثل حزب «العدل» عبد المنعم إمام، تأسيس مفوضية لإدارة شؤون الأحزاب السياسية، بدلًا من لجنة شؤون الأحزاب الحالية، للتأكد من الحوكمة المالية والإدارية للأحزاب، وهو المقترح الذي تسبب في جدل خلال المناقشات في جلستي اليوم، حيث عارض المقترح المستشار حسن بدراوي، مساعد وزير العدل ونائب رئيس المحكمة الدستورية، قائلًا إن الأحزاب تعبر عن الديمقراطية، وإذا لم يكن كل حزب في داخله يطبق المثال الديمقراطي وآلية الانتخاب والنسبية السياسية في جميع الوظائف بداخله وقتها سينطبق عليه قول الآية القرآنية «أتامرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم»، مشددًا على أن الحوكمة والديمقراطية الداخلية للأحزاب لا يجب أن تكون سببًا للتدخل في شؤون الأحزاب، مضيفًا أنه إذا كانت هناك مشكلة داخلية في الحزب فعليه إما اللجوء للقضاء أو لوسائل الإعلام والرقابة الشعبية، لكن الدولة لا يمكن أن تتدخل في شؤون الأحزاب.
وعلى عكس بدراوي، أيد كل من رئيس «حزب الإصلاح والتنمية» محمد أنور السادات، ومنسق الحوار وجود مفوضية لشؤون الأحزاب بنفس التشكيل القضائي إلى جانب أمانة فنية تساعد اللجنة القضائية. وقال رشوان يجب أن يكون هناك كيانًا للأحزاب لا يقتصر دوره على منح الإخطار، مضيفًا أن الأحزاب عندما تختلف تذهب إلى أقسام الشرطة، ولكن وجود مفوضية بها عدد من اللجان تختص بتنظيم أنشطة الأحزاب وأخرى خاصة بالحوكمة المالية والإدارية، وثالثة تختص بشؤون الإعلام وتنظيم الوضع الإعلامي للأحزاب، لافتًا إلى أن القانون ينص على حق الأحزاب في إنشاء صحيفتين، وعلينا أن نضيف لهذا، حق الأحزاب في إنشاء موقعين إلكترونيين وقناة تلفزيونية. واقترح رشوان تخفيض العدد اللازم لعضوية الحزب لإشهاره إلى ثلاثة آلاف عضو فقط، وأيد كل المقترحات الخاصة بالدعم المالي المباشر وغير المباشر للأحزاب.
واختلف مصطفى شوقي مع مقترحات رشوان، مشددًا على أنه فيما يتعلق بعدد أعضاء الحزب، يجب أن يتم تخفيض الرقم إلى ألف عضو فقط ممثلين عن خمس محافظات، كما عارض شوقي وجود مفوضية مستقلة للأحزاب، مؤكدًا على أنه يجب ترك شؤون الأحزاب للأحزاب.