انطلق، اليوم، حفل تدشين جلسات الحوار الوطني بقاعة المؤتمرات بمدينة نصر، بعد عام من التحضيرات والمفاوضات لاختيار المتحاورين والملفات التي يتحاورون بشأنها، في ظل وعود من السلطة للمشاركين من القوى السياسية والحزبية والنقابية ومنظمات المجتمع المدني بالإفراج قريبًا عمن وصفهم المنسق العام للحوار ضياء رشوان بـ«المتبقين من السجناء السياسيين»، فضلًا عن إغلاق ملف القضية 173 الخاصة بعمل منظمات المجتمع المدني، وإنهاء أزمة الحبس الاحتياطي.
شهدت اللحظات الأخيرة جدلًا واسعًا حول مكان اختيار انعقاد الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني. بحسب عضو بمجلس أمناء الحوار الوطني، فضل عدم ذكر اسمه، اقترح رشوان عقد الجلسة بفندق الماسة بالعاصمة الإدارية الجديدة، فيما اقترح ممثلو أحزاب الحركة المدنية عقدها في قاعة الاحتفالات بجامعة القاهرة، وكحل وسط عرض رشوان مقترحًا ثالثًا بعقد الجلسة بقاعة المنارة بمركز المشير لاحتمالية حضور الرئيس عبد الفتاح السيسي.
إزاء رفض المقترح وترجيح احتمالية غياب الرئيس، اتُفق على عقد الجلسة الافتتاحية وجميع جلسات الحوار الوطني في قاعة المؤتمرات بأرض المعارض في مدينة نصر، بواقع ثلاث جلسات أسبوعية: الأحد للمحور السياسي، والثلاثاء للاقتصادي، والخميس للاجتماعي. وهي الجلسات التي قد تمتد إلى عدة أشهر لكثرة الموضوعات المعروضة للحوار.
عن كواليس الأيام الأخيرة قبل انطلاق جلسات الحوار الوطني، وما تريده السلطة والمعارضة منه، تحدث «مدى مصر» مع عشرة من المدعوين للحوار من أحزاب الحركة المدنية وممثلي المنظمات الحقوقية وأعضاء مجلس أمناء الحوار الوطني، لنعرف بدقة ما الذي يعنيه الحوار السياسي بين السلطة والمعارضة قبل أشهر من انتهاء الفترة الرئاسية الثانية للسيسي.
بدأت إجراءات التجهيز لانطلاق الحوار السياسي، الذي كلف السيسي بالدعوة إليه في أبريل 2022 خلال حفل إفطار الأسرة المصرية، وتسارعت وتيرتها بداية من 26 مارس الماضي، حين أعلن مجلس أمناء الحوار الوطني اقتراحه ببدء جلسات الحوار اليوم، 3 مايو.
في الوقت نفسه، اقترح مجلس الأمناء على رئيس الجمهورية مطالبة البرلمان بتعديل قانون الهيئة الوطنية للانتخابات لاستمرار الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات والاستفتاءات المقرر انتهاؤه في 17 يناير المقبل، معتبرًا أن هذا المقترح يعبر عن إجماع كامل بين كل أطراف الحوار الوطني.
بموجب الدستور والمادة 34 من قانون الهيئة الوطنية للانتخابات، يقتصر الإشراف القضائي على الاقتراع والفرز على السنوات العشر التالية للعمل بالدستور الصادر عام 2014. ويتولى إدارة الاقتراع والفرز في الاستفتاءات والانتخابات فيما بعد أعضاء تابعون للهيئة تحت إشراف مجلس إدارتها، بحسب القانون.
استجاب السيسي في اليوم التالي، وأعلن عن توجيهه للحكومة والأجهزة المعنية بدراسة المقترح وآلياته التنفيذية، ما اعتبره أحد المدعوين للحوار الوطني من الحركة المدنية، في حديث مع «مدى مصر» اشترط فيه عدم ذكر اسمه، مثالًا نموذجيًا عما تريده السلطة من وراء الحوار: «قرارات معدة سلفًا يطرحها القائمون على إدارة الحوار ليستجيب لها الرئيس وكأنها نزولًا على رأي القوى المشاركة في الحوار».
وأوضح عضو الحركة المدنية: «كان يمكن تأجيل رفع المقترح إلى الرئيس لما بعد بدء جلسات الحوار، ولكن تم الأمر للتأكيد على أن كل القرارات الإيجابية مصدرها الأول هو الرئيس»، مضيفًا أن الترويج لأن الحوار الوطني هو بوابة لحل كل المشاكل السياسية والاقتصادية هدفه بالأساس التمهيد للبرنامج الانتخابي للسيسي؛ في الانتخابات المقرر انطلاقها في يناير 2024، وإظهار الأمر بوصفه استجابة لمطالب الحوار الوطني.
بموجب اللائحة المنظمة لجلسات الحوار الوطني، لن تشمل الجلسات التصويت على أية قرارات، وإنما رفع توصيات إلى رئيس الجمهورية، وبحسب تفسير رشوان، إذا طرح المتحاورون أكثر من رأي بشأن قضية ما، ولم يجرِ التوافق في نهاية النقاش على رأي محدد، سترفع كل الآراء لرئيس الجمهورية.
في مواجهة هذا الرأي، قال عضو ثانٍ بمجلس أمناء الحوار إن اقتراح رشوان لموعد بدء الحوار، ومطالبة السيسي بالتدخل لتمديد الإشراف القضائي كان بمثابة خطة إنقاذ من قبل جهاز المخابرات العامة لمسار الحوار الوطني في ظل توصيات من أجهزة أخرى بعدم إجرائه، وعدم تحمس الدائرة المقربة من الرئيس في المضي قدمًا فيه، بسبب إصرار ممثلي أحزاب الحركة المدنية على خروج عدد من السياسيين الذين تتفق أجهزة الدولة على ضرورة الإبقاء عليهم في السجن.
بالتزامن، كانت أحزاب الحركة المدنية الـ12 (التحالف الشعبي الاشتراكي، والمصري الديمقراطي، والدستور، والمحافظين، والإصلاح والتنمية، والكرامة، والعدل، والشيوعي، والاشتراكي المصري، والناصري، والوفاق، والعيش والحرية «تحت التأسيس») اجتمعت قبل أسبوع من تدشين انطلاق جلسات الحوار الوطني، لتحدد موقفها من المشاركة.
طالب ممثلان من حزبين من أعضاء الحركة بعدم المشاركة، بحسب رواية قيادي بالحركة المدنية لـ«مدى مصر» لوقائع الاجتماع، بعدما طلب عدم ذكر اسمه. برر الأول طلبه بعدم جدوى الحوار مع السلطة، طالما أنها لم تتوقف عن استخدام أذرعها في القمع والبطش بالمواطنين بسبب آرائهم. فيما ذكّر الثاني بالوعود التي قطعها مسؤولون بأحد الأجهزة السيادية التابعة للرئاسة منذ عدة أشهر لقيادات بالحركة المدنية بخروج عدد كبير من سجناء الرأي، بينهم أحمد دومة، الذي اعتبروا خروجه أمرًا قابلًا للتنفيذ بالمقارنة بنشطاء آخرين مثل علاء عبد الفتاح.
اتفق ممثلا الحزبين على أن «هذا النظام لا يمكن الوثوق به»، ودللا بما حدث مع المتحدث السابق باسم الحركة، يحيى حسين عبد الهادي، الذي وجهت له النيابة في 12 أبريل الماضي اتهامات بـ«نشر أخبار كاذبة» بسبب مقالات رأي كتبها عقب خروجه من السجن بعفو رئاسي في يونيو الماضي، وقبله الناشط شريف الروبي، الذي أعيد القبض عليه للمرة الرابعة في سبتمبر الماضي، بعد أشهر قليلة من خروجه من السجن، بوساطة من لجنة العفو الرئاسي، وذلك بسبب شكواه من الصعوبات التي تواجه السجناء السياسيين بعد خروجهم من السجن.
في مواجهة رأي ممثلي الحزبين، اتفق ممثلو غالبية أحزاب الحركة، حسبما قال القيادي بالحركة الذي حضر الاجتماع، بعدما طلب عدم ذكر اسمه، على أنه لا مناص من المشاركة في الحوار بالنهاية، آملًا في تنفيذ السلطة لوعودها بالإفراج عن عدد كبير من سجناء الرأي، وكف يدها عن حبس آخرين، وذلك لعدم وجود بدائل أمامهم من ناحية، ولأن المشاركة تعد بمثابة فرصة أخيرة لانتزاع إصلاحات سياسية.
فيما اعتبر أحد المدعوين للحوار من قيادات الحركة المدنية أن أحد الأجهزة المقربة من الرئيس تدفع نحو تجميل طفيف للمشهد السياسي، بما يمهد الطريق لانتخابات رئاسية مقبلة يضمن فيها الرئيس دور البطولة، ويشاركه في جزء صغير من المشهد مجموعة من المنافسين.
أنهت الحركة المدنية اجتماعها بتأجيل إعلان موقفها إلى مساء الأحد 30 أبريل الماضي، ثم إلى الاثنين، 1 مايو الجاري، آملة أن يُفرج عن دومة خلال تلك المهلة.
في الوقت نفسه، شككت بعض أحزاب الحركة، ومنها حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، في رغبة السلطة في فتح المجال العام. ودلل رئيس الحزب، مدحت الزاهد، على ذلك بحسابه على فيسبوك أمس، مشيرًا إلى القبض على القيادية بحزب الكرامة، نجوى خشبة، والقيادية بالحزب الناصري، عايدة محمود، قبل أيام من جلسة افتتاح الحوار الوطني، معتبرًا أنها رسالة بأن سياسة القبضة والتقييد على الحريات ستتواصل شاملة النساء، فيما ينبغي أن تكون مشاركة الحركة المدنية في الحوار «منكسرة»، في رأي من لهم سلطة، وفقًا للزاهد.
كانت الحركة المدنية استبقت تصريح الزاهد ببيان أكدت خلاله أنه رغم إخلاصها في تبني خيار الحوار السياسي، إلا أن الأمور صارت في الاتجاه المعاكس. وقال البيان: «تراجعت وتيرة الإفراج عن مساجين الرأي، بل عادت حملات ملاحقة أصحاب الرأي، وضاقت مساحات الظهور الإعلامي لرموز الحركة»، مشددًا على أن استمرار مشاركة الحركة في الحوار سيكون مرهونًا بتنفيذ الضمانات التي سبق وحددتها للمشاركة، بالإضافة إلى توفير أجواء شفافة وآمنة للحوار.
ومع عدم حسم الحركة المدنية لموقفها من الانتخابات، أنهى مجلس أمناء الحوار الوطني الترتيب لسيناريو بديل عن حضور ممثلي الحركة، يضمن حضور معارضين أقل تطلبًا لجلساته.
السيناريو البديل لإنقاذ الحوار، أشار إليه عضو ثالث بمجلس الأمناء تحدث لـ«مدى مصر»، مفضلًا عدم ذكر اسمه، وتضمن مسارًا موازيًا نفذه رشوان ورئيس الأمانة الفنية، المستشار محمود فوزي، لضمان إجراء الحوار، حتى ولو دون مشاركة قيادات الحركة المدنية، وعلى رأسهم المرشح الرئاسي السابق، حمدين صباحي، والذين استدعتهم السلطة ووضعتهم في خانة أول المدعوين للحوار، بعدما أصدر السيسي قرارًا بالعفو الرئاسي عن عضو الحملة الرئاسية السابق لصباحي، حسام مؤنس، وتبعه بعدة قرارات رئاسية للعفو عن ناشطين آخرين منهم: البرلماني السابق، زياد العليمي، والصحفي هشام فؤاد، إلى جانب الإفراج عن عشرات المحبوسين احتياطيًا على ذمة قضايا سياسية.
المسار الموازي أو «الخطة ب» بحسب وصف اثنين من قيادات الحركة المدنية، تضمن استدعاء عدد كبير من الشخصيات المحسوبة على المعارضة بصفتهم الشخصية، سواء من السياسيين أو الحقوقيين أو ممثلي النقابات المختلفة، لحضور جلسات الحوار كحل يضمن وجود ممثلين للمعارضة كبدائل للحركة المدنية في حال قررت الأخيرة عدم المشاركة.
أعلن رشوان في 30 مارس الماضي في بيان، لم تنشره الصفحة الرسمية للحوار الوطني في فيسبوك، مشاركة 16 شخصية مما وصفهم بـ«قيادات ورموز سياسية وفكرية وحقوقية وفنية ينتمون لمختلف مدارس الفكر والعمل في جلسات اللجان المتخصصة للحوار». وهو ما تبعه في الرابع من أبريل الماضي حضور السيسي لإفطار الأسرة المصرية لعام 2023 في منطقة الأسمرات جنوب القاهرة، وسط مشاركة كبيرة من ممثلي الأحزاب المحسوبة على السلطة، وعلى رأسها حزبا مستقبل وطن وحماة وطن، وغياب كامل لجميع ممثلي المعارضة، سواء من أحزاب الحركة المدنية أو من الشخصيات العامة المحسوبة عليها أو من خارجها.
واستمر هذا النهج حتى 30 أبريل الماضي، عندما أصدر رشوان بيانًا آخر لم تنشره الصفحة الرسمية للحوار أيضًا، متضمنًا توقيع 14 شخصًا، وصفهم بـ«مجموعة من رموز وقيادات العمل السياسي والإعلامي» يرحبون بالمشاركة في الحوار الوطني ويحددون رؤيتهم له وللأوضاع الراهنة في مصر.
تضمن تأكيد الموقعين على أن خطوات المصارحة الوطنية الشفافة تبدأ من «تصفية ملف سجناء الرأي، وانتهاج مسار سياسي يحتوي كافة الأحزاب السياسية الشرعية وكل الحركات السياسية، تظللها قوانين جادة، تبيح الحق في مباشرة الحقوق السياسية دون تقييد أو التفاف، فضلًا عن ضرورة إطلاق الحريات العامة والصحفية والإعلامية وتحرير أدوات الرأي كافة».
في مواجهة هذه التحركات، خفّضت أحزاب الحركة المدنية طموحاتها واشتراطاتها لدخول الحوار. بحسب قياديّ الحركة المدنية السابقين ومعهم ثالث، تحدثوا لـ«مدى مصر» بشكل منفرد، طالبت أحزاب الحركة خلال الشهر الماضي بالإفراج عن قائمة تضم 100 سجين/ة سياسي/ة، منهم: دومة، وعبد الفتاح، ومحمد الباقر، والمدون محمد إبراهيم الشهير بـ«أكسجين»، إضافة إلى محمد عادل، ونرمين حسين، وشريف الروبي، وهالة فهمي، وصفاء الكوربيجي، ثم قدمت قائمة بديلة تضم 37 سجينًا، ثم اقتصرت المطالب في نهاية أبريل على الإفراج عن دومة فقط قبل بدء الحوار لحفظ ماء الوجه.
طالب القائمون على الحوار من جانبهم، بتأجيل تنفيذ المطلب إلى ما بعد الحفل التمهيدي لانطلاق جلسات الحوار.
قال عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، عبد العظيم حماد، لـ«مدى مصر» إن دومة ليس عضوًا بأي من أحزاب الحركة، ولكنه أحد المطالب الرئيسية للحركة، مضيفًا أن السلطات أفرجت عن عضو حزب المصري الديمقراطي، نبيل جورج، في الأول من مايو الجاري، كما أفرجت عن الصحفيين، رؤوف عبيد، وهشام عبد العزيز، ورفعت الحجب عن موقع «درب» التابع لحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، كما وعدت بخروج سبعة من أعضاء أحزاب الحركة: الدستور والكرامة والتحالف، والذين قبض عليهم خلال الأشهر الماضية، خلال ساعات، فضلًا عن آخرين.
وأخيرًا، أعلنت أحزاب الحركة المدنية وشخصياتها العامة مشاركتها في الحوار بشكل جماعي، في بيان للحركة، وبشكل منفرد ببيانات أصدرها أحزاب مثل الدستور والعدل، بداية من مساء الأول من مايو، معللين بتلقيهم وعدًا بخروج قائمة تضم عددًا من أعضاء أحزاب الحركة المحبوسين، بداية من صباح الثاني من مايو، على أن يتبعهم دومة الأسبوع المقبل.
وكانت نيابة أمن الدولة، أخلت سبيل 14 محبوسًا احتياطيًا في قضايا سياسية في 30 أبريل الماضي، بينهم الصحفيين هشام عبد العزيز ورؤوف عبيد، و عضو الحزب المصري الديمقراطي، نبيل جورج، ولم تجر أي إخلاءات سبيل أخرى من حينها. وفي الوقت نفسه، استمرت سلطات الأمن في القبض على النشطاء حتى اليوم، فقد ألقت أجهزة الأمن، فجر اليوم، الأربعاء، القبض على الصحفي حسن القباني، حسبما قالت المحامية هالة دومة، لـ«مدى مصر»، فيما قال عضو لجنة العفو الرئاسي، طارق العوضي، خلال حضوره الجلسة الافتتاحية للحوار، إنه سيجري إخلاء سبيل الصحفي ومعه القيادية بحزب الكرامة، نجوى خشبة، خلال لحظات، وهو ما تبعه إعلان نقيب الصحفيين الإفراج عن القباني.
مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، حسام بهجت، قال لـ«مدى مصر» إن المبادرة تلقت دعوة للمشاركة في جلسة الافتتاح وستشارك بالحضور، موضحًا أن ممثل المبادرة في جلسات الحوار سيقدم شهادة حق عن الظلم الذي يتعرض له الضحايا والمسؤولين عن هذا الظلم ومقترحاتنا لرفع الظلم عنهم، «لا نؤمن بترك مساحات خالية دون أن نرفع صوتنا بلا مساومة»، أكد بهجت.
وأضاف: «ليس لدينا آمال عظيمة أو شروط مسبقة أو ضمانات للنتائج بل الضمانة الوحيدة أننا مش هنمشي من هنا، ومش هنبطل اللي بنعمله، ومش هنساوم على مواقفنا ومستعدين لدفع الثمن».
نفس الرأي أيده أحد قيادي الحركة المدنية المدعو لحضور الحوار الوطني، غير أنه أكد أن إذاعة جلسات الحوار الوطني هي أهم ضمانة للمشاركة، مشددًا على أنه إذا كانت السلطة تتعامل مع سجناء الرأي كرهائن، ومع الحوار كبوابة وحيدة للإفراج عنهم، فيجب على الشعب أن يكون هو الضامن على ما يجرى داخل جلسات الحوار، حتى لا يتحول الأمر في النهاية إلى «زفة مبايعة»، تنتهي بتكرار ما حدث خلال الترتيب لجلسات الحوار لانتقاء كومبارس من المعارضة لمنافسة الرئيس خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وقال القيادي إنه إذا لم يسفر الحوار عن الإفراج عن كل سجناء الرأي، ووقف استخدام الحبس الاحتياطي كعقوبة، وأيضًا وقف تدوير المتهمين على ذمة قضايا جديدة بذات الاتهامات لشرعنة وجودهم بالسجون، فضلًا عن غيرها من ممارسات التنكيل بالمعارضين السياسيين التي تتشارك فيها أجهزة الدولة، فوقتها سيلحق بالمشاركين العار.
وأضاف القيادي اليساري أن بعض المشاركين في جلسات الحوار، سواء أحزاب الحركة المدنية أو من غيرها، يعتبرون المشاركة في الحوار الوطني «بابًا لحصد مكاسب سياسية قد لا تتجاوز اكتساب لقب مرشح رئاسي سابق والانضمام لطرف السلطة»، مشيرًا إلى أن عدد من رؤساء أحزاب حاليين وسابقين بالحركة المدنية، أعلنوا عزمهم الترشح للرئاسة، فيما يتم دفع أحد الوجوه المحسوبة على ثورة يناير للترشح للرئاسة.
أستاذ العلوم السياسية وأحد الشخصيات العامة بالحركة المدنية، مصطفى كامل السيد، من جانبه، قال لـ«مدى مصر» إن أول الإصلاحات يجب أن تكون الإفراج عن كل المحبوسين احتياطيًا على الأقل، ورفع القيود عن الحريات ووسائل الإعلام، مشيرًا إلى أن الصحف كلها أصبحت متشابهة، وكذلك القنوات الفضائية.
«أولوياتنا من وراء المشاركة في الحوار هي المطالبة بإصلاح سياسي شامل يتضمن حرية تكوين الأحزاب، واحترام حقوق الإنسان، وإقرار وانتخاب مؤسسات محلية، وإطلاق حرية النقابات المهنية والعمالية، وكلها أولويات سياسية لا يمكن ترحيلها بحجة إننا مقبلين على الانتخابات الرئاسية»، قال السيد.
وعبر السيد عن تخوفه من تحول جلسات الحوار الوطني إلى «مكلمة» على حد تعبيره، مفسرًا أنه في ظل العدد الهائل من المدعوين لحضور جلسات الحوار الوطني، يستبعد الكثيرون أن يتبع الحوار نتائج مؤثرة.