الثلاثاء , 3 أكتوبر 2023
الرئيسية / مقالات / قلق بين أبناء «السواركة» بعد تعليمات بإخلاء قرى جديدة في رفح

قلق بين أبناء «السواركة» بعد تعليمات بإخلاء قرى جديدة في رفح

اجتمع عدد من أبناء قبيلة السواركة، أمس، في قرية شيبانة جنوب مدينة رفح، للتشاور حول تعليمات أبلغتها قيادات في الجيش لشيوخ القبائل، بإجلاء أهالي قرى: شيبانة والمهدية وجنوب الطايرة، عن قراهم في أقرب وقت. ورغم نفي قيادات من الجيش، أثناء الاجتماع، نية الإجلاء، إلا أن استمرار إجراءات الرفع المساحي، وسوابق إخلاء قرى أخرى، غذّت قلق الأهالي، بحسب مصادر محلية تحدثت مع «مدى مصر».

مصادر محلية من قرى رفح قالت إن عددًا من شيوخ القبائل أبلغوهم أن قيادات في الجيش دعتهم لاجتماع مغلق، مساء الجمعة، طلبت منهم خلاله إقناع اﻷهالي بالخروج من القرى بحجة تطهيرها من اﻷلغام والعبوات الناسفة على أن يعودوا إليها بعد انتهاء عملية التطهير.

وأضافت المصادر أن الأهالي من جانبهم لم يقتنعوا بالأسباب التي نقلها لهم مشايخ القبائل، ورفضت أسر تلك القرى الرحيل عنها، قبل أن يدعو لاجتماع أبناء «السواركة» في «شيبانة».

ونشر أهالي من المنطقة مقطعًا مصورًا لاجتماع القبيلة يتحدث خلاله الشيخ إبراهيم أبو عليان، أحد وجهاء القبيلة وقرية شيبانة، مؤكدًا على العلاقة الوثيقة بين أهل سيناء والجيش، ومشددًا على أن الشراكة الوطنية بين الأهالي والدولة بمؤسساتها تفرض على الأخيرة أن تكون واضحة في ما يخص أراضي المواطنين، متسائلًا: «ألا يشفع تاريخنا لنكون شركاء في دراسة مستقبل هذه المنطقة؟»، مشددًا في الوقت نفسه: «نحن مع الجيش والاتجاه الوطني، ولكننا مع الأرض أيضًا».

وخلال الاجتماع حضرت بعض القيادات العسكرية، وأكدت للحاضرين أنه لن يكون هناك ترحيل لأحد، بحسب المصادر، التي ذكرت في الوقت نفسه أن «تصرفات الجيش غير كلامه» خاصة بعد أن قام بإغلاق كل الطرق المؤدية للقرى الثلاثة، مع منع عبور اﻷهالي من ارتكاز «الجهيني» العسكري الواقع في مدخل الطريق المؤدي للقرى.

كانت كمائن القوات المسلحة بدأت، منذ أكتوبر الماضي، في التضييق على أهالي قرى رفح، عبر منع دخول أي مستلزمات تُستخدم في إعادة البناء أو الزراعة، قبل أن تمر وحدات من حرس الحدود على القرى، في 20 أكتوبر، وتعمم تنبيهًا بمنع بناء أو ترميم أي مبنى بالطوب والإسمنت، والسماح باستخدام الخوص واﻷخشاب فقط، بحسب مصادر تحدثت لـ«مدى مصر».

في الوقت نفسه، قالت مصادر من الأهالي إن لجان مجلس المدينة مستمرة في ترقيم وحصر منازل القرى المهدمة ووضع علامات عليها، خاصة في مناطق شمال رفح، وهي اللجان التي كانت وضعت، خلال الشهر الجاري، كتلًا خرسانية تحمل أعلامًا حمراء وأرقامًا في مناطق مختلفة على مسافات متباعدة، دون توضيح للأهالي عن طبيعة ذلك الإجراء المختلف عن عمليات حصر المنازل والمزارع بغرض التعويضات التي كانت تتم من قبل، بحسب المصادر من الأهالي التي تحدثت لـ«مدى مصر».

شيبانة هي أول قرية في رفح عاد إليها أهلها مع بداية العام الجاري، بعد سنوات من النزوح. واعتمادًا على الجهود الذاتية قاموا بترميم المسجد والزاوية الصوفية والمدرسة، التي استأنف أطفال القرية الدراسة فيها قبل شهرين.

مطالبة سكان القرى الثلاث بالرحيل تأتي بعد أسابيع من رحيل سكان ست قرى أخرى في رفح، أهمها: الخرافين وقوز أبو رعد والمقاطعة والوفاق، بناءً على تعليمات من قيادات الجيش، وصولًا إلى إبعاد نحو 20 أسرة قسريًا من تجمع الجرايشة بقرية المقاطعة، بعد رفضهم إخلاء تجمعهم القروي، فيما ذكرت مصادر محلية حينها أن وجهاء القبائل أبلغوا سكان القرى أن قرار إخلاء قراهم حتمي، ولن يوقفه أحد.

تزامنت تعليمات الإخلاء مع قيام لجان هندسية بعمليات رفع مساحي في محيط قرى جنوب رفح، في نهاية سبتمبر وبداية أكتوبر الماضيين، تحت إشراف القوات المسلحة، والتي زارت إحداها قرية التومة، جنوب غرب الشيخ زويد، وأخبرت اﻷهالي عن مخطط لإقامة محطة صرف صحي عملاقة على كامل أراضي القرية، تلتها لجنة أخرى عاينت المنطقة الواقعة بين قرى المقاطعة والخرافيين وقوز أبو رعد والماسورة والوفاق، وأخبرت اﻷهالي بوجود مخطط لإقامة منطقة صناعية كبرى في المنطقة.

تعليمات إخلاء قرى رفح وتجمعاتها تأتي بعد بضعة أشهر من عودة سكانها إليها، عقب ثماني سنوات من نزوح إجباري نتيجة المعارك بين القوات المسلحة وعناصر تنظيم «ولاية سيناء». خلال تلك الأشهر القليلة كانت اﻷسر تحاول إعادة تعمير أراضيها بجهود ذاتية، وسط غياب المحافظة التي لم تقم بإعادة الخدمات اﻷساسية، حسبما قال عدد من الأهالي، فضلًا عن عدم تقديم أي تعويض للأهالي عمّا خسروه من مزارع وأراضٍ.

بحسب مصادر مختلفة تحدثت لـ«مدى مصر»، فإن السبب اﻷهم لرفض اﻷهالي الخروج مجددًا من قراهم وتجمعاتها، وحالة الغضب المجتمعي التي صاحبت التعليمات الأخيرة، كان شعور أبناء القبائل بأن دماء من ماتوا في مواجهات مع التنظيم ذهبت هباءً، رغم وعود قيادات القوات المسلحة بإعادة النازحين لبيوتهم مقابل حمل أبناء القبائل السلاح وتطهير أراضيهم.

كان رئيس الجمهورية قرر، قبل نحو عام، فرض تدابير إضافية في شبه جزيرة سيناء، تتطابق غالبيتها مع التدابير التي كانت مطبقة وقت سريان قانون الطوارئ، سواء الخاصة بفرض حظر تجول أو الإقامة أو التردد على أماكن معينة، أو إخلاء بعض المناطق أو غيرها، فيما منح القرار الأخير وزير الدفاع سلطة مطلقة في تحديد المناطق الخاضعة لتلك التدابير، التي وصفها مصدر قضائي لـ«مدى مصر» حينها بأنها استكمال لسلسلة من القرارات التي تُتخذ بشأن ترتيب وضع أمني واقتصادي جديد في سيناء.

مزيد من التفاصيل عن ترحيل بعض قرى رفح وملامح دخول المدينة في ترتيبات اقتصادية جديدة، في تقرير «أهالي رفح والشيخ زويد.. وعد العودة مقابل التطهير ينتهي بالإجلاء للتطوير».

شاهد أيضاً

مصر.. هل تسمح السلطة بمراقبة موازية للانتخابات الرئاسية؟

كشفت مصادر حقوقية مصرية مستقلة، عن وجود مساع للمراقبة الموازية للانتخابات الرئاسية المصرية المقررة في …