قضت الدائرة 12 بمحكمة شمال الجيزة برئاسة المستشار فتحي بيومي، اليوم، الأحد، ببراءة ثلاثة محامين والحبس سنة مع إيقاف التنفيذ لستة آخرين في اتهامهم بـ«التجمهر وتعطيل دائرة جنح مستأنف أوسيم عن العمل» بعد مشادة مع قاضي عام 2015، وذلك بعد يوم من وفاة نقيب المحامين رجائي عطية داخل المحكمة خلال استعداده لترأس فريق الدفاع عنهم، بحسب المحامي محسن بهنسي لـ«مدى مصر».
وقال بهنسي الذي حضر جلسة اليوم إن الصادر لهم حكم البراءة هم نقيب محامين الجيزة السابق وعضو مجلس النقابة العامة الحالي، محمود الداخلي، إلى جانب عضو مجلس نقابة محامين شمال الجيزة الحالي، رمضان كشك، والمحامية إيمان حسن، فيما أصرت المحكمة على إدانة المحامين الستة الآخرين ما اعتبره بهنسي إصرارًا على استمرار الأزمة، مطالبًا نقابة محامين شمال الجيزة بالطعن على الحكم أمام محكمة النقض لأنه سيظل ساقطة جنائية في ملف المحامين الستة ويدلل على ارتكابهم جرائم التجمهر وتعطيل مرفق عام على عكس الحقيقة.
وشهد مقر محكمة جنايات جنوب الجيزة أمس حضور عشرات المحامين للتضامن مع المحامين الذين قررت النيابة في فبراير الماضي إحالتهم لـ«الجنايات» في واقعة تعود 2015، وبعد واقعة وفاة نقيب المحامين داخل المحكمة توقع المحامون أن تؤجل هيئة المحكمة نظر القضية، ولكن رئيس المحكمة عقد الجلسة، واكتفى بتقديم التعزية في وفاة عطية ودون ذلك في محضر الجلسة، واختار من فريق الدفاع عن المحامين محمد بهاء أبو شقة عضو لجنة الإصلاح التشريعي والمستشار القانوني لحملة الرئيس عبد الفتاح السيسي الانتخابية عام 2014، واستمع لمرافعته قبل أن يقرر حجز القضية للحكم.
وكانت نيابة شمال الجيزة الكلية أعلنت أول فبراير الماضي، إحالة سبعة محامين ومحاميتين، إلى محكمة الجنايات، بسبب واقعة تعود إلى أبريل 2015.
ورأت النيابة أن المتهمين «استعملوا القوة ضد قضاة دائرة جنح مستأنف مركز إمبابة وأوسيم، وأمين سرها، وحاجب الدائرة وأفراد الشرطة المعينين لتأمينها، وذلك بأن اصطفوا بقاعة المحكمة وعلى منصتها وأمام غرفة المداولة، ومنعوا المتقاضين والمحامين من المثول أمام الدائرة، مرددين عبارات مسيئة للقضاء بقصد منع الدائرة من الانعقاد»، ما اعتبرته النيابة تجمهرًا لمنع تنفيذ القانون بالقوة. وشملت الاتهامات كذلك بحسب قرار الإحالة اتهام المحامين بـ«سرقة دفاتر قضائية متمثلة في أجندة جلسة المحكمة في 30 أبريل 2015».
في مواجهة تلك الرواية، اتفق ثلاثة من أعضاء نقابة محامين شمال الجيزة تحدثوا لـ«مدى مصر» كل على حدة في وقت سابق، على عدم صحة الواقعة المذكورة بقرار الإحالة، موضحين أن الواقعة تعود إلى جلسة 30 أبريل 2015، حين علق أحد المحامين على قرار أصدره رئيس دائرة جنح مستأنف أوسيم بالتحفظ على متهم بقول: «حرام يا ريس ده راجل كبير»، ما اعتبره القاضي إهانة لهيئة المحكمة، وقرر على إثره حبس المحامي.
قرار حبس المحامي أثار غضب المحامين بالقاعة وقتها، وأبلغوا النقابة الفرعية للتدخل، ما ذهب على إثره نقيب محامين شمال الجيزة وقتها محمود الداخلي وعضو المجلس رمضان كشك وسبعة من المحامين والمحاميات الذين حضروا الواقعة إلى رئيس المحكمة في غرفة المداولة للتوسط لزميلهم وتهدئة الأمر، وخلال اللقاء، قال القاضي للمحامين إن «المحامي قليل الأدب» ما رد عليه الداخلي بـ«معندناش محامين قليلي الأدب وميصحش المحكمة تقول كده»، قبل أن يتطور الأمر بطلب المحامين رد الدائرة، ومقاطعة المحامين الحضور أمامه.
وبحسب أحد المحامين، عندما علم رئيس المحكمة التي تتبعها الدائرة بالواقعة قرر نقل القاضي إلى دائرة أخرى، ما اعتبره المحامين وقتها انهاءً للأزمة، قبل أن يفاجئوا عام 2017 بتقديم رئيس الدائرة بلاغًا بالواقعة حقق فيه دون اتخاذ قرارات، قبل أن تستدعي النيابة العامة في شهر نوفمبر الماضي الداخلي وكشك وآخرين للتحقيق في القضية، التي قررت إحالتها فجأة إلى «الجنايات».
«هيومان رايتس» توثق اعتقال عشرات اللاجئين السودانيين وإجبارهم على العمل القسري في مصر
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن الشرطة المصرية اعتقلت تعسفيًا 30 لاجئًا وطالب لجوء سودانيًا على الأقل خلال مداهمات في ديسمبر ويناير الماضيين، وتعرض بعضهم للاعتداء البدني والعمل القسري.
وأوضحت «هيومان رايتس» في بيان صدر اليوم أن «كل من اعتُقلوا مسجلين لدى المفوضية كلاجئين أو طالبي لجوء وأُطلق سراحهم لاحقًا بلا توجيه أي تهم» في حين تم استغلالهم في عمل قسري.
وأضافت المنظمة أن «بعض النشطاء المستهدفين كانوا قد حشدوا الدعم لمظاهرات أمام مقر مفوضية الأمم المتحدة للّاجئين بالقاهرة احتجاجًا على المضايقات والمعاملة العنصرية من قبل مصريين، وغياب الحماية، وتأخر إعادة التوطين. كما نظموا أيضا مظاهرة أمام السفارة السودانية بالقاهرة تعبيرًا عن تضامنهم مع الاحتجاجات في السودان ضد الدور السياسي للجيش هناك».
ووثقت «هيومان رايتس» نقلًا عن ثلاثة لاجئين سودانيين وعضو في مجموعة حقوق اللاجئين الأفارقة، وهي منظمة مجتمع مدني مقرها القاهرة، اعتقال 24 لاجئًا وطالب لجوء سودانيًا، منهم نشطاء، من منازلهم، والمقاهي، والشارع، ومراكز مجتمعية في مدينة نصر بالقاهرة، وذلك في 27 ديسمبر الماضي.
وحسب نفس المصادر، فقد نقل اللاجئون المعتقلون إلى منشأة أمنية وأجبروا على تفريغ صناديق مكتوب عليها «تحيا مصر» من شاحنات كبيرة إلى مستودعات، واستخدمت الشرطة الهراوات لضرب من زعمت عدم عملهم بجدية وأهانتهم بـ«ملاحظات عنصرية»، قبل أن تتركهم في اليوم التالي على محور المشير طنطاوي قرب المنشأة الأمنية، بعد مصادرة هواتفهم وشرائح الهواتف.
كما وثقت «هيومان رايتس»، تبعًا لنفس المصادر، اعتقال 19 لاجئًا وطالب لجوء سودانيًا من ضمنهم نحو سبعة أشخاص كانوا ضمن المعتقلين في الحادثة الأولي، وذلك في 5 يناير الماضي. وأجبر المعتقلون هذه المرة أيضًا على تفريغ صناديق مكتوب عليها «تحيا مصر» من شاحنات في نفس المنشأة الأمنية. وفي اليوم التالي، تركت الشرطة المجموعة عند محور المشير طنطاوي.
وأكد الناشط في مجموعة حقوق اللاجئين الأفارقة في مصر، الفريد ديجانسن لـ«مدى مصر» وقوع حالات الاعتقال تلك التي أشارت لها «هيومان رايتس»، مشيرًا إلى أن يوم الجمعة الماضي شهد إلقاء القبض على عشرة سودانيين من أسرة واحدة كانوا ينامون في الشارع بالقرب من مقر مفوضية اللاجئين في مصر، كونهم لا يملكون مالًا كافيًا لاستئجار منزل، قبل أن تلقي بهم الشرطة في الصحراء، قبل أن يعودوا إلى نفس المنطقة باليوم التالي بمساعدة مصريين منحوهم مالًا للعودة، ولكن الشرطة ألقت القبض عليهم مجددًا، وألقت بهم مجددًا في منطقة صحراوية.
ونقلت «هيومن رايتس» عن اللاجئين الثلاثة قولهم إن عناصر «قطاع الأمن الوطني» في القاهرة استدعوهم مرتين خلال عام 2021، وكانوا يحتجزوهم أحيانًا لساعات، وهددوهم بالترحيل إلى السودان إذا استمروا في حشد احتجاجات الجالية السودانية أمام مكتب المفوضية أو أبلغوا المفوضية عن الانتهاكات بحقهم. كما نقلت المنظمة عنهم أن الجهاز حاول التفاهم معهم حول أن ينقلوا إليه أنشطة الجالية السودانية، لكنهم رفضوا.
وأوضح ديجانسن أن الوضع الشائع في ما يتعلق باللاجئين من الجنسيات الإفريقية في مصر هو التهديد بالترحيل، مشيرًا إلى أنه شخصيًا تلقى تهديدًا بنفس المعنى.
وجاء بيان «هيومان رايتس» بعد يوم واحد من بيان لمنظمة العفو الدولية حذرت فيه من احتمال ترحيل خمسين لاجئا وملتمس لجوء إريتريًا.
وقال أحد المحامين الحقوقيين العاملين في المساندة القانونية للاجئين، لـ«مدى مصر» بعدما طلب عدم ذكر اسمه، إن ملاحقة اللاجئين السودانيين من قبل الشرطة في مصر تعد أمرًا شائعًا كجزء من الممارسات العنصرية ضد اللاجئين من ذوي البشرة السمراء خاصة، مشيرًا إلى أنه هناك اعتقالات تجري في ذكرى ثورة يناير، وإلى موجة اعتقالات عقب تظاهر سودانيين احتجاجًا على مقتل طفل سوداني على يد جاره، والتي شملت 70 سودانيًا، أفرج عن 60 منهم في حين لا يزال عشرة آخرين محبوسين ويواجهون اتهامات بموجب قانون التظاهر.