أقام عدد من أهالي الحيين السادس والسابع بمدينة نصر دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، أمس، السبت، للطعن على قرار رئيس مجلس الوزراء 2678 لسنة 2020، بشأن نزع ملكية الحيين للمنفعة العامة، واختصمت الدعوى كل من رئيس مجلس الوزراء ووزيري الإسكان والداخلية، ومحافظ القاهرة ومأمور قسم مدينة نصر ثان.
وطالبت الدعوى التي حملت رقم «22557 لسنة 76 ق» بإيقاف تنفيذ القرار المطعون عليه، وندب لجنة من الخبراء مشكلة من وزارتي العدل والإسكان وإحدى كليات الهندسة لتكون مهمتها وضع تقرير كامل للمنطقة حول السلامة الإنشائية للعقارات، على أن توضح إذا كانت آيلة للسقوط من عدمه، وكذلك مدى إمكانية تطويرها على وضعها الحالي بحيث يتم تعديل وترميم واجهات العقارات بما يتناسب والوجه الحضاري والجمالي للمخطط العام للتطوير العام الذي تتبناه الدولة.
كما طالبت الدعوى حال انتهى تقرير اللجنة لسلامة الإنشاءات أن تلزم الجهة الإدارية محل الطعن بإعادة تطوير العقارات من الناحية الجمالية وإعادة صيانتها كتعويض جابر للضرر الذي عاناه الأهالي مخافة الإزالة.
وكان قرار رئيس مجلس الوزراء المطعون عليه صدر بالجريدة الرسمية بتاريخ 21 ديسمبر 2020، وينص في مادته الأولى على أن «تعتبر من الأعمال المنفعة العامة مشروع خطي مونوريل العاصمة الإدارية ومونوريل السادس من أكتوبر بنطاق محافظتي القاهرة والجيزة بمساراتهما ومرافقهما وجميع منشآتهما.. وذلك على النحو المقدم بالمذكرة الإيضاحية والخرائط والكشوف المرفقة»، وبحسب المذكرة الإيضاحية والجداول المرفقة بها يمر المشروع في نطاق مدينة نصر بشوارع ذاكر حسين، ويوسف عباس امتداد الوفاء والأمل، ومحور المشير طنطاوي، ويتم استخدام مساحات متباينة من هذه الشوارع لإنشاء سلالم محطات المونوريل من 1 لـ 7.
وحول السند القانوني للطعن على القرار قال محامي الأهالي أحمد سعيد لـ«مدى مصر» إن قرار الإزالة للمنفعة العامة يخالف القانون رقم 10 لسنة 1990 والخاص بنزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، لافتًا إلى أنه بحسب المعلن من الحكومة فإن هدف الإزالة هو الاستثمار من خلال تغيير نمط المباني بالحي من الأفقي للرأسي، موضحًا أن العقارات تم إنشاؤها بارتفاعات منخفضة (خمسة أدوار) على مساحات ممتدة، فيما تهدف الحكومة لتغير نمط البناء من خلال التوسع الرأسي بإنشاء أبراج مرتفعة بعدد أدوار مضاعف للموجود حاليًا وبالتالي توسعة المجال لمزيد من عدد الوحدات.
وكانت محافظة القاهرة قد أعلنت في وقت سابق خطة بناء أبراج سكنية على غرار «أبراج ماسبيرو» بعد إزالة البلوكات الحالية بالمنطقة. وأوضح سعيد أن القرار يعد مخالفة صريحة للدستور الذي يكفل حماية حرمة الملكية الخاصة، وفي السياق نفسه أشارت صحيفة الدعوى إلى عدم قانونية القرار، نظرًا لأن المنطقة غير مدرجة ضمن مناطق العشوائيات، كما أنها ليست خارج التقسيم بل هي مقسمة ومخططة هندسيًا وفقًا لمعايير البناء وقت إنشاؤها، بالإضافة إلى أن الحد الأدنى لاتساع شوارعها الداخلية 15 مترًا.
الطعن على القرار أمام مجلس الدولة إحدى الوسائل التي اختارها عدد من الأهالي للاحتجاج على القرار، إلى جانب وسائل أخرى منها اللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي بتدشين هاشتاج #لا_لإزالة_الحي_السادس_والسابع في الأيام الأولى للإعلان عن القرار، تواصلت «مدى مصر» مع عدد من أهالي المنطقة الرافضين للقرار لتقصي أسباب رفض القرار التي تمحورت حول عدم الثقة في الحكومة وتعويضاتها العادلة والارتباط بالمنطقة وقسوة التهجير، وصعوبة الحصول على خدمات مماثلة في المناطق السكنية المطروحة كبدائل، وكذلك صعوبة الحصول على فرص عمل في أماكن التهجير.
ابتسام* مدرسة على المعاش تسكن بالحي السابع أوضحت لـ«مدى مصر» أوجه رفضها للقرار قائلة: «اتجوزت وخلفت وربيت أولادي في الحي، أنا عايشة لوحدي حاليًا بس وناسي هما أهل الشارع، بيقولوا اللي عاوز يرجع ممكن يرجع، لكن أنا مش ضامنه عمري يوم واحد قدام عايزة أموت وسط ناسي،كمان أنا مش حمل النقل والبهدلة». وطالبت ابتسام رئيس الجمهورية بالتدخل لإيقاف القرار حفاظًا على سلامة الأهالي قائلة: «أنا انتخبت المشير السيسي مرتين وبطلب منه يراجع القرار».
زينب* أيضا من سكان الحي السادس، وهي سيدة في منتصف الثلاثينيات تعمل موظفة في مستشفى جراحات اليوم الواحد بالحى السادس، لديها طفلان، قالت لـ«مدى مصر» إنه «من الصعب أن تنام آمن مطمئن وتستيقظ على قرار يقلب حياتك رأسًا على عقب»، لافتة إلى صعوبة انتقالها إلى مناطق السكن البديلة مؤقتة/ دائمة وذلك بسبب محل عملها، وكذلك لصعوبة العثور على مدرسة مماثلة لمدرسة أطفالها في أماكن السكن البديلة. وترى زينب أن البدائل المطروحة غير عادلة، مؤكدة أن المساكن المطروحة كبدائل دائمة ليست مناسبة، أما البديل المادي فهو غير عادل نظرًا لأن الحكومة تدفع تعويض عن ثمن العقار غير مشمول بموقع الحي المتميز بالقرب من القاهرة الجديدة ووسط البلد وغيرها من المناطق الحيوية المحيطة، كما أكدت أن إحلال الأبراج محل البلوكات يعني مزيد من السكان ومزيد من التكدس في المنطقة، لافتة إلى أنها لن تتجاوب مع طلبات الحي لملء رغباتها في سكن بديل.
وتشمل البدائل أمام السكان حسب تقارير صحفية إما صرف تعويض نقدي للسكان لسعر المتر بالمنطقة حسب تقييم الخبراء يبدأ من سبعة آلاف جنيه حتى تسعة آلاف جنيه للسكنى، ويبدأ من 14 ألف جنيه للتجارى، أما الرجوع إلى نفس المنطقة بعد التطوير (نفس المكان ونفس المساحة دون تكلفة)، أو الحصول على وحدة في «جاردينيا» ودفع فارق سعر الوحدة بنظام التمويل العقاري، أو الحصول على شقة بديلة فى مشروعات «المحروسة» أو «أهالينا».
إذا كانت صعوبة الوصول للعمل أحد أسباب رفض زينب لقرار الانتقال والإزالة، فإن يوسف* (50 سنة) صاحب محل لبيع الدواجن لديه مخاوف من صعوبة الحصول على عمل بديل في أماكن السكن البديلة، قائلًا لـ«مدى مصر»: «أنا شغال هنا بقالي أكثر من 17 سنة والناس عرفتني وبقى عندي زبون يا عالم المكان الجديد المنافسين فيه عاملين إزاي وأكيد كل محل هناك وله زبونه»، مضيفًا أنه لا يمانع التطوير و لكن الإزالة والتهجير «عمل مدمر»، بحسب وصفه.
في مقابل الأصوات الرافضة لقرارات الإزالة والإخلاء، وافقت بعض الأسر بالفعل على القرار بحصولها على تعويضات مالية مقابل وحداتهم، حيث أعلن نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية إبراهيم صابر صرف 5.8 مليون جنيه تعويضات لـ 12 أسرة من سكان الحي السادس.
مينا* طبيب، وأحد السكان الذين رحبوا بالقرار، أوضح لـ«مدى مصر» رأيه: «السوق كله فيه مشكلة بالسيولة، والحكومة هتدفع فوري وكاش». مينا الذي أجر شقته في الحي السادس وانتقل إلى محل سكن آخر منذ سنوات يرى أن الحي يحتاج لتطوير حقيقي لأن عقاراته يتجاوز عمرها 60 عامًا.