الأربعاء , 29 مارس 2023
الرئيسية / مقالات / «المونيتور»: كيف تدعم مصرُ السودان في نزاعه الحدودي مع إثيوبيا؟

«المونيتور»: كيف تدعم مصرُ السودان في نزاعه الحدودي مع إثيوبيا؟

نشر موقع «المونيتور» الإخباري مقالًا للصحافية المصرية المتخصصة في قضايا أفريقيا وحوض النيل، آية أمان، تناولت فيه الاشتباكات المسلحة التي وقعت مؤخرًا على الحدود السودانية – الإثيوبية وأدَّت إلى توغل إثيوبيا في الأراضي السودانية، وتصاعد التوترات بين البلدين مما استدعى توجُّه وفدٍ سوداني إلى العاصمة المصرية القاهرة، الأمر الذي أثار تساؤلات حول دور مصر في الصراع الدائر بين البلدين وبخاصة في ظل التوتر القائم بين مصر وإثيوبيا بسبب تعنت الأخيرة في المحادثات الخاصة بسد النهضة الإثيوبي الذي قد يؤثر على موارد مصر المائية من نهر النيل.

تحركات سودانية للحصول على دعم دبلوماسي وقانوني

تستهل الكاتبة مقالها بالإعلان عن الزيارة التي قام بها وفد من مجلس السيادة السوداني برئاسة الفريق شمس الدين الكباشي ومدير جهاز المخابرات العامة جمال عبد المجيد إلى القاهرة في 14 شهر يناير (كانون الثاني)، حيث التقوا بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمناقشة آخر تطورات الصراع الحدودي مع إثيوبيا والعمليات العسكرية التي يقودها الجيش السوداني لتحرير الأراضي من المليشيات الأثيوبية المسلحة.

وتأتي هذه الزيارة في إطار تحركات السودان الإقليمية التي من المتوقَّع أن تشمل زيارات أخرى إلى دول عربية، وبالتحديد دول خليجية، مثل الكويت وقطر والمملكة العربية السعودية، لطلب «دعم دبلوماسي وقانوني»، بحسب بيان صدر في 14 يناير من جانب وزير الخارجية السوداني عمر قمر الدين.

ومع ذلك، تصاعدت التوترات في 25 يناير على الحدود السودانية – الإثيوبية عندما اندلعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والمدفعية في منطقة جبل أبو الطيور الحدودية. وجدير بالذكر أنه في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2020، نشر الجيش السوداني جنوده على الحدود في منطقة الفشقة لتحرير أراضي السودان من الجماعات الموالية للمليشيات الإثيوبية التي تستفيد من زراعة مئات الأفدنة من الأراضي الخصبة منذ عام 1995.

القاهرة تلتزم الحياد وتدعم الحلول السلمية

وفي هذا الصدد قال مصدر دبلوماسي مطلع على العلاقات المصرية السودانية لـ«المونيتور»، شريطة عدم الكشف عن هويته: «مصر تراقب بعناية التوتر على الحدود السودانية منذ بداية المناوشات لأنها معنية بحماية السلام والأمن في المنطقة الأفريقية، خاصة في البلدان المجاورة». وأضاف: «لم تتخذ القاهرة أي إجراء في الآونة الأخيرة لدعم أي من الأطراف المتصارعة، لكن مصر ترحب بطلب السودان الدعم والمساعدة في موقفه القانوني لاستعادة وتحرير أراضيه».

وأشار المصدر إلى أن «مصر تتبنى سياسات تدعم الحلول السلمية من خلال الحوار والمفاوضات لاستعادة السلام وحل جميع القضايا العالقة». وأوضح أن «استعادة الهدوء بين العاصمة السودانية الخرطوم والعاصمة الإثيوبية أديس أبابا سيكون في مصلحة القاهرة – على عكس ما تروِّج له إثيوبيا في وسائل الإعلام من خلال توجيه الاتهامات إلى مصر».

ولم تعلِّق القاهرة رسميًّا على النزاع الحدودي بين الخرطوم وأديس أبابا منذ بداية الأزمة، إلا في بيان شديد اللهجة صدر عن وزارة الخارجية المصرية في 31 ديسمبر عام 2020، ردًا على تصريحات الناطقة باسم وزارة الخارجية الإثيوبية دينا المفتي. وكانت الأخيرة قد تطرَّقت إلى الشؤون الداخلية المصرية من خلال انتقاد أوضاع حقوق الإنسان في مصر. وعَدَّت القاهرة البيان الإثيوبي «تجاوزًا صارخًا»، واتَّهمت إثيوبيا بمواصلة «ممارساتها العدوانية المستمرة ضد جيرانها الإقليميين»، في إشارة إلى الهجمات الإثيوبية على الأراضي السودانية.

هل تُفعِّل مصر اتفاقية الدفاع المشترك؟

وتلفت الكاتبة إلى التزام مصر والسودان بمعاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي، تحت مظلة جامعة الدول العربية، وتنص المعاهدة في مادتها الثانية: «تعتبر الدول المتعاقدة كل اعتداء مسلح يقع على أي دولة أو أكثر منها أو على قواتها، اعتداء عليها جميعًا، ولذلك فإنه عملًا بحق الدفاع الشرعي الفردي والجماعي عن كيانها، تلتزم بأن تبادر إلى معونة الدول أو الدول المُعتدى عليها، وبأن تتخذ على الفور منفردة ومجتمعة جميع التدابير وتستخدم جميع ما لديها من وسائل بما في ذلك استخدام القوة المسلحة لرد الاعتداء وإعادة الأمن والسلام إلى نصابها».

يقول اللواء خالد عكاشة، الخبير الأمني ​​ورئيس المركز المصري للدراسات الإستراتيجية، لـ«المونيتور»: إن «مصر تدرك جيدًا حساسية العلاقة الثلاثية بينها وبين السودان وإثيوبيا، وتدرك أن التدخل في هذا الصراع سيزيد الوضع سوءًا ولن يحله». ولفت عكاشة إلى أن «السودان قادر على استعادة أراضيه عبر كل الوسائل القانونية والدبلوماسية والعسكرية ولا يحتاج إلى دعم مصر. وتدرك مصر أن كل هذه صراعات متكررة، ولم ترقَ إلى المستوى الذي يهدد الأمن القومي المصري». وأضاف عكاشة، ومع ذلك «كشف التوتر المتصاعد بين السودان وإثيوبيا على أراضي منطقة الفشقة المواقف الحقيقية لإثيوبيا التي طالما زعمت أنها دولة شقيقة للسودان التي تحمي مصالحها في قضية سد النهضة الإثيوبي الكبير».

تعاون عسكري غير مسبوق

ونوَّهت الكاتبة إلى أنه في تعاون عسكري غير مسبوق بين مصر والسودان، نفَّذت وحدات من القوات الجوية المصرية وقوات كوماندوز الصاعقة مناورات جوية مشتركة مع السودان أُطلِق عليها اسم «نسور النيل – 1»، في التاسع عشر من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2020. وشملت المناورات القيام بعدد من الطلعات الجوية الهجومية والدفاعية على أهداف محددة، فيما نفَّذت قوات الصاعقة تدريبات قتالية للبحث والإنقاذ.

وفي هذا الشأن شدَّد عكاشة على أن «المناورات العسكرية المصرية مع السودان لا تُعد وضعًا استثنائيًّا، بل إنها استعادة للعلاقات الطبيعية بين البلدين التي شهدت توترًا طوال مدة الحكم الإسلامي في السودان». وفي مقابلة مع قناة العربية الفضائية في الخامس والعشرين من شهر يناير، ربط وزير الدفاع السوداني الفريق الركن ياسين إبراهيم ياسين الخلاف الحدودي مع إثيوبيا بمفاوضات سد النهضة الإثيوبي الكبير، مشيرًا إلى أن «العامل المشترك في الحالتين هو التباطؤ الإثيوبي».

هل يخدم النزاع السوداني – الإثيوبي الموقف المصري في مفاوضات سد النهضة؟

وفي حديثها عن احتمالات التدخل المصري للوساطة بين السودان وإثيوبيا لحل الأزمة الحدودية، قالت منى عمر، المساعدة السابقة لوزير الخارجية المصري، لـ«المونيتور» إنني «أستبعد مثل هذا الاحتمال، لا سيما في ظل مواقف إثيوبيا المُتعنِّتة مع مصر في مفاوضات سد النهضة الإثيوبي الكبير وعدم احترامها للمواثيق والاتفاقيات التاريخية التي تحدد آليات التعامل مع مياه النيل». وأضافت: «في الوقت الحالي، يمكن لمصر أن تعرض دعم السودان من خلال إثارة قضية (الحدود) في المحافل الدولية وتقديم الدعم القانوني لها».

وأشارت منى إلى أن «سياسة مصر لا تتمثل في العمل في الخفاء أو تأجيج الصراع بين دولتين، خاصة وأن القاهرة تدرك جيدًا أنه إذا لم يكن التوتر السوداني – الإثيوبي محصورًا في الاشتباكات فقط، فسيكون لذلك آثار وتداعيات سلبية على الأمن في المنطقة».

وأضافت: «وعلى الرغم من الدعوات الداخلية باللجوء إلى حل عسكري ضد إثيوبيا في قضية سد النهضة – والتي تُعد مسألة حياة أو موت بالنسبة لمصر – فإن الإدارة المصرية التزمت بالحوار والتفاوض السلميين باعتبارهما وسيلة لحل الأزمة».

ومنذ اندلاع المواجهات مع إثيوبيا على الحدود الشرقية للسودان، اتَّخذت الخرطوم مواقفَ أكثر تشددًا من قضية سد النهضة، رافضةً تمامًا المواقف الإثيوبية خلال جولات المفاوضات التي رعاها الاتحاد الأفريقي. وقال المتحدث باسم الحكومة السودانية ووزير الإعلام فيصل صالح في بيان صحفي في الثالث والعشرين من شهر يناير: «لن يقبل السودان (سياسة) فرض الأمر الواقع في (قضية) سد النهضة الإثيوبي الكبير، ولدينا الوسائل للرد على إثيوبيا، خاصة أن وساطة الاتحاد الأفريقي (في قضية سد النهضة) في شكلها القديم لم تَعُد مفيدة».

وفي ختام مقالها أشارت الكاتبة إلى أن تحركات مصر لدعم السودان في نزاعه الحدودي مع إثيوبيا تأتي في إطار حقبة جديدة من التعاون والتنسيق بين القاهرة والخرطوم لوقف أي تهديدات تمس المصالح المشتركة والأمن القومي للبلدين، خاصة في ملف مياه النيل.

شاهد أيضاً

ابتزاز المصريين في الخارج بالوثائق الثبوتية

واحد من المطالب البسيطة لمنظمات حقوق الإنسان المصرية والدولية وغير المكلفة سياسياً للنظام الحاكم في …