الأربعاء , 29 مارس 2023
الرئيسية / مقالات / مع إعادة تشكيل تحالفات المنطقة.. تساؤلات بشأن الدور المصري

مع إعادة تشكيل تحالفات المنطقة.. تساؤلات بشأن الدور المصري

تثير عودة الزخم في تشكيل تحالفات المنطقة وتهدئة ملفات إقليمية متأزمة تساؤلات بشأن دور القاهرة إزاء هذه التفاعلات، في ظل تشابكها بصورة مباشرة مع أمن مصر القومي ودورها الإقليمي.

ووفق مراقبين وخبراء، ربما تتأثر القاهرة جراء التحولات والتفاعلات المنتظرة التي من أبرزها تزايد وتيرة التطبيع العربي مع إسرائيل وهو خطوة عزاها مراقبون إلى تشكيل تحالف سني إسرائيلي أميركي بمواجهة إيران، لكن التطبيع -خصوصا الإماراتي- لم يكن بالصورة الإيجابية للقاهرة التي بدأت تتحسس أمنها القومي ودورها الإقليمي الذي يتآكل تدريجيا بحسب مراقبين.

كما أحدثت اكتشافات الغاز الضخمة في شرق البحر المتوسط سلسلة من صراع المحاور بالمنطقة، وبدا في الأفق التمييز بين محورين متعارضين، أحدهما تركيا والآخر يضم إلى جانب مصر اليونان وقبرص وإسرائيل، والذي امتدت تداعياته لتشمل الملف الليبي.

وخليجيا، شهدت الأزمة الخليجية انفراجة على إثر إعلان المصالحة الرباعية مع قطر في الأيام الماضية، فيما يبقى الموقف المصري غير واضح المعالم بصورة كاملة حتى الآن بشأن هذه المصالحة.

وعلى صعيد آخر، يهدد صعود الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن المعروف بمواقفه الفاترة تجاه النظام المصري العلاقات بين البلدين، وإزاء ذلك توقع محللون أن القاهرة قد تلوح بورقتي روسيا والصين بوجه الإدارة الأميركية الجديدة، لكن دون تهديد التحالف الإستراتيجي مع واشنطن.

المصالحة الخليجية

أبرز التفاعلات الإقليمية مؤخرا كانت المصالحة الخليجية، حيث يبقى موقف القاهرة غير واضح المعالم رغم الإشادة الخافتة من قبل وزير الخارجية سامح شكري الذي مثل بلاده في قمة العلا بالمملكة العربية السعودية.

ويوم الجمعة الماضي، نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية مقالا لمحلل شؤون الشرق الأوسط تسفي برئيل قال فيه إن السيسي “لم يكن راضيا عن بعض بنود الاتفاق التي يرى أنها تنازلات مبالغ فيها وتضر بمصالح مصر”.

غير أن برئيل أكد أن السيسي “لا يستطيع المعارضة العلنية لسياسة السعودية، وتخريب جهود إعادة تأهيل صورة بلاده في الولايات المتحدة، لذلك أرسل ممثلا (شكري) بدلا من الظهور بنفسه”.

وفي هذا السياق، يقول الدبلوماسي المصري محمد مرسي -وهو آخر سفير لمصر في قطر قبل قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين- إن عدم مشاركة السيسي في القمة “يجب ألا تفسر على أنها تحفظ أو اعتراض على المصالحة”، موضحا أن “مصر لو كانت متحفظة أو رافضة للمصالحة لأعلنت ذلك صراحة ودون مواربة”.

وأشار السفير المصري إلى أن القاهرة “تجاوبت مع جميع الجهود والمساعي التي استهدفت إنهاء الأزمة، وأبقت على الدوام أبوابها مفتوحة أمام كل جهد مخلص”.

بدوره، اعتبر الأكاديمي والمحلل السياسي المصري حسام الشاذلي المصالحة الخليجية “أحد التوابع المباشرة لتبوؤ الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مكانه بالبيت الأبيض”.

وتوقع الشاذلي في تصريحات للجزيرة نت أن “تترك مصر بعد المصالحة الخليجية معزولة بعداوتها التي أصبحت منهجا في إعلامها المسيس وسياستها الخارجية التصادمية”، بحسب وصفه، مشددا على أن الخاسر الأكبر في هذه الأزمة هو النظام الحاكم في مصر.

وأوضح أن نظام السيسي “ساند المقاطعة بكل صورها وجعلها أساسا لعداوة كبيرة مع قطر رغم أنه لا ناقة ولا جمل لمصر في صراع الأشقاء بالخليج كما أنها لم تقدم مسبقا على دعم سياسات المقاطعة بالمنطقة”.

ومتفقا مع الطرح السابق، يرى الأكاديمي والباحث المصري في العلوم السياسية محمد الزواوي أن “القاهرة بعيدة كل البعد عن التأثير في الأزمة الخليجية”، مشيرا إلى أن “الدولة ذات الثقل الخليجي هي السعودية من حيث الوزن الجيوإستراتيجي، أما من حيث عملية التخطيط لذلك التحالف فهي الإمارات بقياداتها الحالية وكذلك ملاءتها الاقتصادية”.

أما السلطة المصرية -بحسب حديث الزواوي للجزيرة نت- “فهي تشترك معهما في العداء لجماعة لإخوان المسلمين، وكذلك مقاومة نشر الديمقراطية عن طريق الإعلام، خاصة قناة الجزيرة وغيرها”، مشددا على أن وجهة نظر السلطة في هذين الملفين لن تتبدل بتبدل رؤى قيادات ذلك التحالف على الرغم من كونها غير مؤثرة في مخرجاته.

محور مناوئ لإيران

وبشأن الدور المصري في تشكيل محور ضد إيران، يرى الأكاديمي المصري حسام الشاذلي أن القاهرة لن يكون لها موقف واضح ضد إيران حتى لو كان هذا هدف عودة الوحدة الخليجية، إلا في حالة وجود موقف جديد من إسرائيل ضد إيران، والتي أصبح واضحا أن النظام المصري بات يتبع خطوات سياستها الإقليمية والدولية كون إسرائيل هي حليفه الأقرب الذي يدعمه في كل المحافل، بحسب تعبيره.

أما الزواوي فيرى أن “القاهرة مجبرة على التحالف ضد إيران عبر تعزيز هذا التحالف عسكريا بجيشها البري الكبير”، وذلك في “إطار مصالح الأمن القومي المصري في الخليج”.

وأوضح أنه يوجد 5 ملايين من العمالة المصرية في الخليج التي تدر تحويلات أجنبية حيوية للاقتصاد، وفي حال عودة هؤلاء في إطار مشكلات أمنية مع إيران سيتسببون في إثقال الاقتصاد المصري غير القادر على توفير الوظائف أو تنويع موارده غير الريعية.

الخلاف مع تركيا

رغم مؤشرات التهدئة المصرية التركية فإن مراقبين أكدوا أن العلاقات بين البلدين لن تصل إلى طبيعتها التي كانت قبل 7 سنوات.

وفي هذا السياق، يتوقع الشاذلي أن يتطور موقفه إلى عداء مباشر وقوي مع تركيا، أو أن تتغير طبيعة تلك العلاقات حسب مؤشر البيت الأبيض تجاهها، والذي لن يكون السيسي إلا انعكاسا مباشرا له.

بدوره، قال الزواوي إن الثلاثي إسرائيل وقبرص واليونان تجاهل مصر التي لديها رغبة بأن تكون محورا إقليميا لتسييل الغاز، حيث تجاهلت ذلك بمشروع أنبوب يصل إلى إيطاليا، في تجاوز لمصر التي تعد من أكبر مستهلكي الغاز في المنطقة.

ومن هنا تشارك مصر -بحسب الزواوي- في ذلك التحالف من أجل تحقيق مصالحها في محاربة الإخوان المسلمين والإسلام السياسي الذي تستضيفه تركيا، كنوع من أوراق الضغط على أنقرة لتخفيف حدة الانتقاد للنظام المصري.

الاتجاه شرقا

يتوقع مراقبون أن تستمر القاهرة في “التلويح” بورقة روسيا والصين، دون تهديد تحالفها الإستراتيجي مع واشنطن، مما قد يعرضها للخطر.

وفي تصريحات سابقة للجزيرة نت توقع محمد حامد مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والإستراتيجية (غير حكومي/ مقره القاهرة) أن تعود السياسة الخارجية المصرية إلى “مربع التوازن” وعدم الارتماء في أحضان الإدارة الأميركية إذا شعرت أنها تحمل العداء والكراهية لها أو تلفظ سياساتها الداخلية والخارجية.

أين القاهرة من المحاور الجديدة؟

يتوقع حسام الشاذلي أن تحمل الفترة المقبلة تغييرا وأحداثا كبيرة بالمنطقة وخريطتها الجيوسياسية، والتي قد يصل بعضها إلى تغيير الخريطة الحاكمة أو تعديلها، أو حتى حدوث مواجهات مباشرة تستدعي وجود أقوى للولايات المتحدة في المنطقة.

وعن موقف مصر في ظل تلك المتغيرات، أكد الشاذلي أنها “ستتأثر بشدة حتى لو حاول حكامها أن يرسلوا رسائل كثيرة بأن كل شيء على ما يرام وأنه لا شيء قد تغير”.

بدوره، توقع الزواوي استمرار مصر في “لعب دور الزبون السخي لشراء السلاح الأميركي في حقبة بايدن لشراء شرعية النظام”، مشيرا إلى أن النظام “سيستمر في المناورة بورقتي فرنسا وروسيا من أجل تنويع مصادر السلاح وتخفيف الضغط الأميركي المحتمل، نظرا لسجله في مجال حقوق الإنسان”.

وأضاف أن “الحليف الأهم في المنطقة للولايات المتحدة هو إسرائيل، والآن بصورة أكبر اليونان التي من المتوقع أن تكون بديلا عن تركيا في إنشاء قواعد عسكرية بدلا من قاعدة إنجرليك التركية، من أجل احتواء روسيا وحال خروج أنقرة من الحلف الغربي”.

وفي إطار عملية إعادة تشكيل التحالفات التي تجري في المنطقة فإن مصر -بحسب الزواوي- “لم يعد لها دور ملموس، سواء في قيادة التحالفات، أو حتى في كونها عضوا مؤثرا في أي منها”.

شاهد أيضاً

ابتزاز المصريين في الخارج بالوثائق الثبوتية

واحد من المطالب البسيطة لمنظمات حقوق الإنسان المصرية والدولية وغير المكلفة سياسياً للنظام الحاكم في …