أشارت وزيرة الهجرة وشؤون المصريّين في الخارج السفيرة نبيلة مكرم عبد الشهيد، في 1 آب/أغسطس، إلى أنّها تستهدف منع استقطاب الشباب المصرييّن المقيمين في الخارج فكريّاً ضدّ دولتهم، وذلك من خلال عقد دورات خاصّة عن الأمن القوميّ المصريّ وتعريف الشباب بالمشاريع التنمويّة التي تنفّذها الدولة ضمن رؤيتها لعام 2030، وذلك لتحسين صورتها لديهم، وقالت ردّاً على استفسار أحد المصرييّن في الخارج عن آليّة إشراك الشباب، خصوصاً في المراحل العمريّة المتقدّمة في معسكرات الوزارة الصيفيّة، وذلك على هامش فعاليّات مسابقة أجمل صورة في مصر: إنّ التعامل مع الشباب المصريّ في الخارج سيكون بصورة أكثر وعياً، وذلك لخطورة هذه المرحلة العمريّة.
ولفتت إلى أنّ جميع المصريّين في الخارج هم سفراء لمصر، وهو ما تسعى إليه الوزارة من خلال فعاليّاتها ومعسكراتها لنقل الصورة الصحيحة عن مصر بين المصرييّن في الخارج.
وفي 24 تمّوز/يوليو، أشارت نبيلة مكرم عبد الشهيد، خلال لقائها مع الأساتذة والطلاّب المصرييّن بكندا، في إطار الاحتفال بموافقة برلمان مقاطعة أونتاريو على إعلان شهر تمّوز/يوليو شهراً للحضارة المصريّة، إلى أنّ وجود المصريّين في كندا هو إضافة إلى مصر، موضحة أنّ المصريّين في الخارج هم سفراء مصر في البلد الذي يدرسون فيه.
وأوضحت أنّ الوزارة تهتمّ بالشباب من أبناء الجيلين الثاني والثالث، من 20 عاماً إلى أواخر الثلاثين، وكذلك الطلاّب المصريّين في الخارج، مؤكّدة أنّ الشباب المصريّين في الخارج يلعبون دوراً كبيراً في الردّ على الأخبار السلبيّة والمحبطة، والشائعات التي تثار حول الدولة المصريّة. كما أنّ عليهم القيام بدور توعويّ بين زملائهم وأقرانهم للتعريف بحجم الإنجازات التي تقوم بها الدولة والمشاريع القوميّة المختلفة.
وأشارت مكرم عبد الشهيد إلى أنّ عصر الحروب التقليديّة انتهى، وأنّ مصر تواجه نوعاً جديداً من الحروب، وهو حرب الشائعات واستهداف الشباب في الخارج واستقطابهم فكريّاً ضدّ دولتهم.
ولفت مصدر حكوميّ مطّلع داخل وزارة الهجرة وشؤون المصريّين في الخارج، رفض نشر اسمه، إلى أنّ الوزارة أعدّت بالفعل برنامجاً متكاملاً لعقد دورات أمنيّة ومعسكرات خاصّة للشباب المصريّين والأكاديميّين الذين يدرسون في الخارج، وذلك لتعميق الشعور بالانتماء الوطنيّ إلى مصر، وقال في حديث هاتفيّ لـ”المونيتور”: إنّ مضمون هذه الدورات يركّز على التعريف بمنجزات الدولة المصريّة ومشاريعها القوميّة وتأكيد أهميّة نشر المعلومات الصحيحة عن مصر والردّ على مروّجي الإشاعات السلبيّة والمحبطة على الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة في البلاد.
وأشار إلى أنّ الوزارة أعدّت هذا البرنامج مع متخصّصين في التاريخ وعلم الاجتماع وبعض القيادات الأمنيّة للتعريف بمفاهيم الأمن القوميّ وحماية الشباب من أخطار الاستقطاب الفكريّ، مؤكّداً أنّ الوزارة حاليّاً تنسّق مع الجاليات المصريّة في الدول الغربيّة في ما يتعلق بهذه الدورات ، مشيراً إلى أنّ البرنامج بدأ في دولة كندا، ثمّ سيستهدف بقيّة الدول.
ولفت المصدر إلى أنّ ما دفع بالوزارة إلى التفكير بعقد هذا النوع من الدورات الأمنيّة المتخصّصة هو إمكانيّة تجنيد بعض الشباب المصريّين في الخارج للعمل لصالح دول أخرى ضدّ مصر أو نشر أفكار مغلوطة في الخارج بين المصرييّن، منعاً لوقوعهم فريسة جهات خارجيّة تستهدف التشويش على أفكارهم أو نشر أفكار ومعلومات سلبيّة عن مصر.
وأوضح أنّ هذه الدورات ليست إجباريّة، في الوقت الحاليّ، بل اختياريّة متاحة لمن يريد الاشتراك فيها، مشيراً إلى أنّ هذه الدورات إلزاميّة لبعض الأعضاء في السفارات المصريّة بالخارج حتّى يتمكّنوا من التواصل الفعّال مع المصرييّن، لافتاً إلى أنّ هذه الدورات مدّتها 8 جلسات نقاشيّة فقط بواقع ساعتين كلّ يوم أيّ 16 ساعة تدريبيّة، إذ من المعروف أنّهم منشغلون طيلة الوقت في الدراسة أو في إيقاع الحياة السريع في البلدان الغربيّة. ولذلك، تمّ تصميم البرنامج بشكل مكثّف.
ووصف أستاذ علم الاجتماع السياسيّ في الجامعة الأميركيّة بالقاهرة الدكتور سعيد صادق عقد هذه الدورات للشباب المصريّين في الخارج بمحاولة لتجنيدهم الفكريّ، إذ رأى أنّ أيّ فرد يحقّ له التفكير بأيّ شيء وهو حرّ في طريقة تفكيره ولا يجب توجيهه بالانحياز الفكريّ لأيّ طرف، وقال في حديث هاتفيّ لـ”المونيتور”: يجب التفريق بين عقد دورات للتعريف بتاريخ مصر وحضارتها، ودورات أخرى تستهدف تجنيد الشباب فكريًا، مشيرًا إلى أنّ هذه النوعيّة من الدورات تتنافى مع فكرة توعية الشباب بتاريخهم، وتتخطّى ذلك إلى محاولات السيطرة عليهم والتجنيد المُقنّع.
بدورها، أشارت الباحثة المصريّة في جامعة أوتاوا بكندا “م .أ”، إلى أنّها سمعت بعقد تلك الدورات من خلال أصدقاء أكاديميّين لها في كندا، وقالت خلال حديث لـ”المونيتور”: إنّ مثل هذه الدورات لا يمكنها أن تكون فاعلة بين الشباب المصرييّن في الخارج لأنّهم اعتادوا على حياة أكثر انفتاحاً في البلدان الغربيّة ومناخ حريّة أرحب لا يعبأ بمحاولات السيطرة الفكريّة على المواطنين.
ولفتت إلى أنّها لا تفضّل حضور مثل هذه الدورات لأنّها تستهدف التجنيد الفكريّ للشباب وتنميطهم، وهو ما لا تريد أن تشارك فيه، لكنّها رحّبت في الوقت ذاته بأيّ ندوات علميّة أو دورات لزيادة التعريف بحضارة مصر وتاريخها.