“العالم لم ينس شوكان”، هكذا قال نانا أكوفو أدو، رئيس غانا، عندما تحدث، أثناء إحياء اليونسكو لليوم العالمي لحرية الصحافة في العاصمة الغانية أكرا يوم 2 مايو، عن المصور الصحفي المصري محمود أبو زيد، المعروف إعلاميا بمحمود شوكان، ودعا أدو كافة الأفراد والمؤسسات الداعين لإطلاق سراح شوكان من محبسه في مصر إلى عدم فقدان الأمل في إطلاق سراحه بعد أن غيبه السجن عن إحياء ذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة في أكرا والذي كان من المفترض أن يشهد تسلمه واحدة من أهم الجوائز العالمية في حرية الصحافة.
وقرّرت منظّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” في 23 نيسان/أبريل منح شوكان جائزة اليونسكو/غييرمو كانو العالميّة لحرّيّة الصحافة لعام 2018، وجاء اختيار اليونسكو لشوكان بعد يوم واحد من تحذير وزارة الخارجيّة المصرية المنظّمة من منحه الجائزة.
وأعربت وزارة الخارجيّة في بيان للمتحدّث الرسميّ باسمها أحمد أبو زيد في 22 نيسان/أبريل، عن أسفها لاعتزام اليونسكو منح المصوّر الصحافيّ شوكان جائزة دوليّة لحرّيّة الصحافة، وقال أبو زيد في بيانه: “تأسف الخارجيّة لتورّط منظّمة بمكانة اليونسكو في تكريم شخص متّهم بارتكاب أعمال إرهابيّة، منها جرائم القتل العمد والتعدّي على رجال الشرطة والمواطنين وإحراق الممتلكات العامّة والخاصّة وإتلافها”.
وأضاف أبو زيد في بيانه: “عقب قرار اليونسكو، كلّفت الخارجيّة مندوب مصر لدى اليونسكو في باريس إيهاب بدوي بتسليم سكرتاريّة المنظّمة ملفّاً كاملاً حول مجمل الاتّهامات المنسوبة إلى المذكور، وهي تهم ذات طابع جنائيّ بحت ليس لها أيّ دافع سياسيّ بعكس ما يدّعي بعض الحقوقيين الذين يدافعون عن شوكان ولا تمتّ بصلة بممارسته لمهنة الصحافة أو حرّيّة التعبير”.
إلا أن بعض المصورين الصحفيين المقربين منه قالوا لـ”المونيتور” إن شوكان بدأ يمارس المهنة منذ حوالى عشر سنوات، من خلال جريدة “الأهرام المسائي” التي عمل لصالحها ستة أشهر، قبل أن يتحول إلى مصور صحفي حر لعدد من الوكالات، كانت أبرز وكالة “ديموتيكس” البريطانية، التي صنفته ضمن أهم 200 مصور حر يتعاملون معها، والتي كان يغطي لصالحها أحداث اعتصام رابعة وفضه.
يذكر أنّه قد ألقي القبض على شوكان في 14 آب/أغسطس 2013، أثناء فضّ قوّات الأمن المصريّة اعتصام رابعة العدويّة، وظلّ شوكان محبوساً احتياطيّاً، من دون اتّهام لمدّة عامين حتّى قرّرت النيابة في 17 سبتمبر 2015 إحالته وعدد من المتّهمين إلى المحاكمة بتهم التجمهر غير القانوني واستعراض القوّة والقتل وحيازة مواد في حكم المفرقعات وأسلحة ناريّة من دون ترخيص. لم يصدر حكم قضائي بعض، إلا أن بعض تلك الاتهامات قد تصل عقوبتها إلى الإعدام مثل القتل.
وقالت اليونسكو، في بيان لها يوم 23 إبريل، على لسان ماريا ريسا، رئيسة اللجنة المنبثقة عن اليونسكو والمسئولة عن منح الجائزة، إن اختيار شوكان جاء تقديرا لشجاعته ومقاومته وما يتكبده من معاناة نظير تمسكه بحرية الرأي والتعبير.
واتّهم بيان أبو زيد اليونسكو بترشيح شوكان إلى الجائزة بناء على توصيات منظّمات حقوقيّة مشبوهة بمساندة جماعة الإخوان المسلمين وتلقّي التمويل من قطر التي قطعت مصر علاقاتها معها في خلال الصيف الماضي. وانتقد رئيس مجلس النوّاب المصريّ علي عبد العال في تصريحات صحافيّة في 23 نيسان/أبريل، منح الجائزة إلى شوكان، قائلاً: “اليونسكو منحت الجائزة إلى شخص متّهم في جريمة جنائيّة مدعومة في ذلك القرار بتقارير بعض المنظّمات المشبوهة المموّلة من دول معروفة بدعمها للإرهاب. هذه المنظّمة للتربية والعلم والثقافة، ليس لها دخل بالأمور ذات الطابع السياسيّ، وقد حاولت أن تنحى منحى سياسيّاً في وقت سابق، ما حدا ببعض الدول إلى الخروج منها”.
وجدير بالذكر أن الآونة الأخيرة لم تشهد انسحاب أي دول من اليونسكو إلا الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، في أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر / كانون الأول 2017، بعد اتهامهما اليونسكو بالتمييز ضد إسرائيل.
وأضاف: “ونحن هنا في مجلس النوّاب المصريّ نحذّر هذه المنظّمة، وندعوها إلى أن تبتعد عن السياسة وتركّز بحكم لائحتها الأساسيّة في التربية والعلم والثقافة، وتبتعد عن الزجّ بنفسها في السياسة”.
وفي تصريحات خاصّة لـ”المونيتور” عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعيّ “فيسبوك”، قال رئيس الشبكة العربيّة لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد، إنّ فريق الدفاع عن شوكان سيتقدّم خلال أيّام للمحكمة بما يفيد حصوله على جائزة دوليّة رفيعة في حرّيّة الصحافة، ممّا يمكن أن يحسّن من موقفه القانونيّ في القضيّة.
وتعليقاً على ذلك، قال عضو لجنة حقوق الإنسان في مجلس النوّاب علي بدر لـ”المونيتور” إنّ المجلس لا يتّخذ موقفاً ضدّ شوكان ولم يدع إلى إصدار حكم بإدانته من أيّ منظّمة قبل أن يدينه أو يبرّئه القضاء المصريّ، وأضاف: “الاعتراض هو على تكريم متّهم في قضيّة جنائيّة ذات أبعاد سياسيّة وما يحمله ذلك التكريم الدوليّ من ضغط على السلطات والقضاء المصريّ للإفراج عنه باعتباره رمزاً دوليّاً، ولو منحته اليونسكو الجائزة بعد الإفراج عنه من دون إدانته، ما كنّا لنعترض على الرغم من أنّه وأنصاره من المحسوبين على معارضي النظام السياسيّ”.
بينما قال رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النوّاب علاء عابد لـ”المونيتور”: “الاعتراض على منح شوكان الجائزة ليس لكونه متّهماً فقط، بل لكونه كان ممثّلاً للذراع الإعلاميّ لجماعة الإخوان المسلمين في أحداث رابعة العدويّة وتحدّث كثيراً مع وسائل إعلام أجنبيّة وأرسل الكثير من الصور ليقال إنّ في مصر انقلاب وليس ثورة”.
فيما قال عضو مجلس نقابة الصحافيّين الأسبق خالد البلشي لـ”المونيتور” إنّ شوكان ليس منتمياً إلى جماعة الإخوان المسلمين ولم يكن طرفاً في اعتصام رابعة العدويّة، وأضاف: “السلطات تعتبر كلّ شخص وثّق فضّ اعتصام رابعة من جانب الاعتصام وليس من جانب قوّات الأمن، إخوانيّاً، كما أنّ الدولة تعتبر كلّ شخص اعتبر احتججات 30 حزيران/يونيو الشعبية ضد نظام الإخوان المسلمين انقلاباً منتمياً إلى جماعة الإخوان المسلمين، على الرغم من أنّه لا يوجد نصّ قانونيّ يعاقب أيّ صحافيّ على وصف 30 حزيران/يونيو بالانقلاب، ومحاسبة شوكان على أساس اعتباره 30 يوينو انقلابا أو على وجهات نظره من دون دليل على تورّطه مع جماعة الإخوان المسلمين في أيّ جريمة، تعتبر انتهاكاً لحرّيّة الصحافة”.
وقال أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة أسيوط عبد الخبير عطا لـ”المونيتور” إنّ أزمة مصر مع اليونسكو لا تتعلّق بترشيح شوكان إلى الجائزة، وإنّما تتعلّق بإيمان صنّاع القرار في مصر بتأثّر قرار اليونسكو بمنظّمات ثقافيّة وحقوقيّة مدعومة من قطر، مثل الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان التي تعتبر الداعم الأكبر لشوكان وأوكلت له محامي للدفاع عنه منذ 2015. وما زاد من غضب المسؤولين المصريين هو المعركة التي خاضتها مصر في تشرين الأول / أكتوبر مع قطر بشأن اختيار مدير عام جديد لليونسكو، وهي منافسة فازت بها أودري أزولاي من فرنسا.