“مصر بها حرية إعلام غير مسبوقة، ولا يوجد أحد في الإعلام والصحافة والتليفزيون يمكن أن يحجر على رأي حد أو يمنعه”..
هذه الكلمات ليست وحيًا من خيالي, ولكنها حقيقة جرت على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسى في جميع خطاباته وحواراته خارج مصر وآخرها حواره الشهير مع قناة الـcnn””, في الوقت نفسه نجد أن مصر تعاني من تقييد للحريات بشكل أو بآخر, بما يتنافى كليًا مع تصريحات الرئيس, وهو ما أثار غضب مراكز حقوق الإنسان؛ خاصة وأن الرئيس السيسى شهد حكمه الذي لم يتجاوز عامين أكبر حظر لمقالات الكتاب.
وكان آخرهم الكاتب والمفكر أسامة الغزالي حرب، والذي تم منع نشر مقاله الذي اعترض فيه على العاصمة الإدارية الجديدة, قائلًا “أرسلت المقال يوم الأربعاء الماضي للجريدة للنشر في صفحة الرأي إلا أن رئيس التحرير رفض نشرها”, مضيفًا “الكلام ده ماريحنيش لأنه شيء غير معتاد واعتداء على حرية الرأي”، مشيرًا إلى أن مقاله تم نشره في جريدة “المقال”.
ليس هذا فحسب, حيث سبق ومنع مقال آخر له لا للبشير، والذي أكد فيه أنه تم حجب المقال من النشر في جريدة “الأهرام”، ومن أبرز ما جاء بمقال “حرب”: “دعوت الرئيس عبد الفتاح السيسى فى هذا المقال لعدم المشاركة فى حفل تنصيب الرئيس السوداني عمر البشير؛ لأن الرئيس السيسى جاء بانتخابات شرعية، ولا يجب أن يشارك في حفل تنصيب ديكتاتور مثل البشير”.
وتابع: “أكدت في المقال أنى مسلم بأهمية العلاقات المصرية السودانية، لكنى اعترض فقط على أن يشارك رئيس مصر في حفل تنصيب رئيس ارتكب جرائم ضد الإنسانية، ومطلوب للعدالة أمام المحكمة الجنائية الدولية”. وكتب وقتها: “بعد أن أرسلت المقال فوجئت باتصال من رئيس تحرير الجريدة، وطالبني بكتابة مقال آخر، بحجة أن مقالي لا يتفق مع توجيهات الرئيس السيسى الخاصة بدعم العلاقات المصرية السودانية”.
هناك كتاب آخرون مُنعت مقالاتهم في عهد السيسى؛ نتيجة لاختلاف آرائهم ومنهم:
معصوم مرزوق و”تيران وصنافير”
مقال السفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية الأسبق، الممنوع من النشر في إحدى الصحف القومية، والتي فضل عدم ذكرها، احترامًا للالتزام الأخلاقي، فقام السفير بنشره على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، ربما كان سبب المنع يكمن في تطرقه للحديث عن منطقة محرمة بأمر الرئيس.
ومن أبرز ما جاء في المقال “في فمي ماء كثير.. ولكن الأمانة تقتضى أن أتكلم… عندما رأيت ما يشبه رقرقة الدموع فى النظرة الحزينة لرئيس عمليات الجيش المصري السابق اللواء عبد المنعم سعيد، وهو يؤكد بألم أن: “تيران وصنافير.. مصريتان”.
ومن أبرز ما جاء به: “أرجو أن يمتنع المتنطعون والبصاصون لأن المقال لن يتهم أحدًا، ولكنه سوف يتهم منهجًا وسياسات أراني مختلفًا معها ورغم أن لدى ما يثبت بشكل قاطع ملكية الشعب المصري لهاتين الجزيرتين، إلا أنني أزعم لنفسي امتيازًا خاصًا عليهما، لأنني قاتلت لاستعادتهما ضمن باقي أراضينا المحتلة عام 1973، وأعتبر دمائي ودماء رجالي التي نزفت على تلك الرمال المقدسة بمثابة التوقيع على عقد الامتياز الخاص لنا”.
جمال سلطان و”السيسى مفكر”
مقال رئيس تحرير جريدة “المصريون”، جمال سلطان، والذي أبلغته مطابع جريدة الأهرام، أن “جهة سيادية” قررت وقف طباعة الصحيفة؛ اعتراضًا على مقال بعنوان “لماذا لا يتوقف السيسى عن دور المفكر الإسلامي؟”، والمرجو إزالته من صدر الصفحة الثالثة، وحذف الإشارة له في الصفحة الأولى أيضًا. ولفت رئيس التحرير وقتها إلى أن مقاله مجرد نقد صحفي لبعض نشاطات الرئيس عبد الفتاح السيسي، ربما كان النقد قاسيًا وشديدًا، ولكنه في حدود القانون وبدون أي إساءات أو خروج على مقتضيات العقلانية السياسية وأخلاقياتها التي نحرص على الالتزام بها من غير رقيب.
وقال سلطان في مقاله، إنه “لا يصح أن ينشغل الرئيس بالحديث المستمر يوميًا أو أسبوعيًا عن تصحيح الفكر الديني وتجديد الخطاب الديني وصحيح الدين وفهم القرآن وفهم السنة ويعطى التوجيهات والمواعظ لعلماء الأزهر في ذلك، فهذا ليس دوره؛ لأنه رجل دولة وليس رجل دين، كما أنه غير مؤهل علميًا للخوض في مثل هذه الأمور”.