الخميس , 7 ديسمبر 2023
الصفحة الرئيسية / مقالات / سجون مصر بشهادة المجلس “الرسمي” لحقوق الإنسان
Prison Bound

سجون مصر بشهادة المجلس “الرسمي” لحقوق الإنسان

تسعة عشر منظمة مصرية حقوقية، تشكل ملتقى لمنظمات حقوق الإنسان المستقلة، وكانت أصدرت تقريرها عن حقوق الإنسان في مصر.

خلص التقرير إلى أن حقوق الإنسان في سنوات ما بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو لم تشكل أوضاعا أفضل لحقوق الإنسان، وأرجعت ذلك إلى غياب الإرادة السياسية لتحسين حالة حقوق الإنسان، وظلت الانتهاكات قائمة رغم ما جاء من نصوص في الدستور المصري 2014 تحدد الحقوق والواجبات الخاصة بالحريات والكرامة، وتجريم وإدانة التعذيب بجميع صوره البدني والمعنوي، بل حدد الدستور إلزام الدولة بتشكيل مفوضية مستقلة للقضاء على كافة أشكال التمييز، حيث أن المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو الجغرافي أو لأي سبب آخر.
ورغم وضوح الحق في الدستور إلا أن الممارسات اليومية التي تتم من قبل الأجهزة الأمنية والسياسة في البلد تؤكد اختراق يومي لنصوص الدستور, لذا كان من الطبيعي أن تصدر بيانات من منظمات دولية حقوقية تدين حالة حقوق الإنسان في مصر, وكان طبيعيا أيضا أن تخرج أجهزتنا السياسية والحقوقية المصنوعة من قبل أجهزة الدولة الأمنية بتصريحات عديدة تملأ كل فراغ وسماوات مصر، حتى تقنع الرأي العام الخارجي والداخلي بأن مصر مستهدفة من قبل أعداء كثيرين وخصوم أكثر، ولا صحة مطلقا لتلك التقارير والبيانات التي تتحدث عن التمييز والتعذيب والسجناء والسجون، حتى وصل الحال إلى أن المجلس القومي لحقوق الإنسان، وهو مؤسسة حقوقية تابعة للدولة المصرية وقامت بتعيين أعضائها، كان قد تورط في زيارة لسجن العقرب شديد الحراسة صاحب السمعة السيئة داخليا وخارجيا.
وقد صدر عن هذة الزيارة من قبل الوفد الذي زار السجن مندوبا عن المنظمة بيانا جاملت فيه السلطة المصرية وتسترت فيه على الانتهاكات بشكل مفضوح, بل وقامت بالدعاية للسجن من قبيل أنه سجن خمس نجوم، إلا أن منظمة هيومان رايتس استنكرت بشدة هذا السلوك المعيب وفضح ذلك بإصدار بيان كاشف عن الواقعة ورغم أن المجلس القومي لحقوق الإنسان، مجلس رسمي تابع للسلطة المصرية ورغم إدانة بعض المواقف المعيبة له والتي تحتوي على مجاملة للسلطات، إلا أنه كان قد أصدر أخيرا وفي جريدة المصري اليوم بتاريخ 6/10/2016 تقريرا عن زيارة أخرى لسجن العقرب شديد الحراسة للوقوف على الأوضاع المعيشية والصحية والحقوقية للسجناء بعد ورود العديد من الشكاوي.
وقد جاء في التقرير أن الوفد كان قد طلب مقابلة عدد من النزلاء ورد شكاوي من زويهم للمجلس إلا أن مصلحة السجون رفضت بحجة وجودهم في مستشفى السجن ولا يوجد تصريح لمقابلتهم في المستشفى ولم يقابل وفد المجلس القومي سوى نزيل واحد هو محمد الجندي المودع بسجن مشدد حراسة (2)، ورغم محاولة تحسين التقرير حتى لا يغضب مصلحة السجون وقياداتها وحتى لا يتعرض السجناء لمزيد من التعنت والظلم، إلا أن التقرير كاشف عن حجم المراوغة التي تمارسها سلطات السجون لكي تمنع التحقيق الجاد في أي شكاوي أو نشر أي معلومات جادة وموثقة.
ورغم عدم نجاح الوفد في مقابلة من طلب مقابلتهم إلا أن التقرير كاشف لمن يريد أن يفهم أحوال السجناء وأحوال حقوق الإنسان في مصر، وخصوصا أن هناك معاناة يعيشها المواطنين على مستوى الحياة اليومية، فها هو قانون التظاهر يتسبب في سجن العديد من الشباب، وها هو قانون الحبس الاحتياطي الذي أصدره رئيس المحكمة الدستورية العليا والرئيس المؤقت للجمهورية عدلي منصور يتسبب في حبس الآلاف تحت ذمة التحقيق لفترات قد تصل إلى ثلاث سنوات دون تحديد تهمة محددة، وهناك أمثلة أصبحت شهيرة عن ضحايا ذلك القانون، وهناك اختراقات عديدة للدستور وحقوقه من قبل السلطة التنفيذية، بل  لسلطة القضاء ذاته ولعل واقعة النائب عمرو الشوبكي في استلامه مقعده بحكم محكمة النقض الذي لم يحدث حتى الآن تكشف عن المدى التي وصلت إليه السلطات الأخرى في احترام الدستور والأحكام القضائية.
بعد ذلك كله وعندما تصدر بعض المنظمات الحقوقية الدولية بيانات تكشف عن انتهاكات حقوق الانسان في مصر أو تكشف بعض الهيئات والدول  عن كوارث الزراعات المسرطنة التي نستهلكها محليا أو نصدرها للخارج، تخرج علينا الأجهزة الرسمية والإعلام الرسمي وكذلك الإعلام المأمور والتابع لتلك الأجهزة بتشغيل إسطوانة أصبحت مشروخة من كثرة التشغيل بأن مصر مستهدفة وأن التقارير الصادرة من مؤسسات دولية هي أداة من أدوات استهداف مصر.
هل حان الوقت لكي نتصارح ونعلن الحقائق، والكشف عنها يعلي من قيم دولة القانون وسيادته أم مازلنا مراوغين لا هدف لنا سوى أمن الرئيس ولو على حساب المواطنين والدولة، ولا هدف لنا سوى مصلحة أقلية استأثرت بالثروة والسلطة معا.

شاهد أيضاً

السلطات تحجب موقع “مدى مصر” بسبب تقرير عن “التهجير من غزة”

قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، حجب موقع “مدى مصر” الإلكتروني، لمدة 6 أشهر، …