بدءًا من الشهر الحالي ستدخل منظومة الأمن في المطارات المصرية مرحلة جديدة، حيث تستعد شركة فالكون جروب، وهي شركة أمن خاصة، لإرسال أفراد الأمن التابعين لها لاستلام مهام الأمن جزئيًا في مطاري القاهرة الدولي شرم الشيخ.
تم إنشاء الشركة الوطنية فالكون كشركة مساهمة من القطاعين العام والخاص وهيئات أخرى تابعة للدولة. تمتلك وزارة الطيران المدني وهيئات حكومية أخرى 80 بالمائة من أسهم الشركة، بينما تمتلك فالكون جروب 20 بالمائة من الأسهم.
وكانت فالكون قد بدأت العمل عام 1974 كجزء من قسم الأمن والسلامة المسؤول عن نقل الأموال بالبنك التجاري الدولي CIB، ثم تأسست كشركة أمن خاصة مستقلة في عام 2006، وكان البنك التجاري الدولي هو المستثمر الرئيسي.
يقول شريف خالد، الرئيس التنفيذي لفالكون جروب، أنه بالرغم من وجود هيئات حكومية في الشركة الوطنية فالكون، إلا أن الشركة ما زالت تدار بفكر شركات الأمن الخاصة، مشيرًا إلى أن شركات الأمن الخاصة موجودة منذ وقت طويل، ولكن درجة الوعي بفكرة الأمن الخاص لم تكن كافية. وأضاف أن مصر مازالت في بداية الطريق وتحاول فقط اللحاق بباقي الدول في عالم يتجه أكثر لاستخدام هذا النوع من الأمن.
وأوضح أن الهدف من شركات الأمن الخاصة هو تخفيف الضغط على قوات الأمن الرسمية عند تأمين مباريات كرة القدم أو المطارات أو الجامعات. وأضاف: “هم بحاجة لمن يعمل معهم وفي ظِل وجودهم”.
في ديسمبر 2015 أعلنت الحكومة المصرية أنها تعاقدت مع شركة الأمن البريطانية كونترول ريسكس لمراجعة إجراءات الأمن في مطاري القاهرة وشرم الشيخ وتقييمها. جاءت هذه الخطوة بعد تحطم طائرة الركاب الروسية فوق سيناء في أكتوبر من نفس العام، وسط تكهنات باحتمال أن تكون عبوة متفجرة هي السبب وراء تحطمها.
وقال خالد إنه بالرغم من أن توصيات كونترول ريسكس لم تنشر علنًا لأسباب أمنية، إلا أن واحدة من هذه التوصيات كانت التعاقد مع شركة أمن خاصة. وأضاف أن الحكومة قامت على الفور باللجوء إلى فالكون جروب لتولي هذه المهمة.
يقول، إيهاب يوسف، صاحب شركة خاصة للأمن وإدارة المخاطر: “ربما كان من الأفضل لو طُرحت مناقصة عامة أو لو تكونت مجموعة متحدة من الشركات الخاصة أو لو تولت أكثر من شركة مهمة تأمين المطارات المختلفة، وذلك لخلق أي نوع من أنواع المنافسة”.
عمل يوسف أيضًا في وزارة الداخلية لمدة 20 عامًا، ويرى أن ضبط الإيقاع بين منظومة الأمن الحكومي والأمن الخاص سيستغرق بعض الوقت.
ولت فالكون جروب مسئولية تأمين الرئيس عبد الفتاح السيسي ومقر حملته الرئاسية بالتجمع الخامس خلال الانتخابات الرئاسية. كما وقع اختيار الحكومة على الشركة لتولي مهمة تأمين الجامعات الحكومية في مصر عام 2014، وذلك في ذروة الاحتجاجات الطلابية والتي أدت إلى اشتباكات شبه يومية بين الطلاب المؤيدين لجماعة الإخوان المسلمين وقوات الأمن.
كانت هذه هي المرة الأولى التي يدخل فيها القطاع الخاص مجال الأمن العام في مصر. إلا أن هذه التجربة أثبتت فشلها لأن القمع الذي مارسه أفراد شركة الأمن الخاصة أدى إلى المزيد من التوتر وتصاعد وتيرة الاشتباكات. وبالرغم من هذا مازالت فالكون جروب مستمرة في تنفيذ عقودها مع الجامعات الأربعة عشر التي تتولى مهام تأمينها.
تتجه الشركة في الوقت الحالي إلى تأمين المطارات، ولكن يبدو أن سمعتها السيئة قد سبقتها. يقول حارس أمن في مطار القاهرة، طلب عدم ذكر اسمه لـ”مدى مصر”: “هذه شركة أمن خاصة ولا شأن لها بأمن المطار، وعندما أُسندت إليهم مهمة تأمين الجامعات فشلوا في ذلك”. ويتشكك حارس الأمن في أن فالكون جروب ستضيف المزيد لرفع مستوى الأمن، ويرى أن أفراد الأمن التابعين للشركات الخاصة عديمي الخبرة.
يقول يوسف: “ستكون هناك بعض المناطق التي تقع مسؤوليتها على عاتق شركة الأمن الخاصة، وأخرى تفضل الشرطة المصرية أن تتواجد فيها”. وتساءل: “إذا حدث أي نزاع بين الطرفين من سيكون مسؤولًا عن حسمه؟”.
ويتوقع يوسف أن يقاوم أمن المطار الذي تديره الدولة هذا التغيير. ولكن وفقًا لما ذكره الرئيس التنفيذي لفالكون جروب فكُلٌ له دوره في إطار منظومة متكاملة. شريف خالد يقارن الأمر بفريق لكرة القدم، حيث يؤدي كل لاعب دورًا مختلفًا على أرض الملعب، ومع ذلك فهم يلعبون لنفس الفريق. وأضاف أن الأمن الخاص سيكون مسؤولًا بشكل أساسي عن تفتيش الركاب والأمتعة. وأعرب يوسف أيضًا عن قلقه بشأن تسييس أمن المطارات المصرية في الوقت الذي تُبدي فيه الكثير من الحكومات الأجنبية اهتمامها بدعم مصر.
جدير بالذكر أن الشركة الوطنية فالكون وقعت اتفاقًا مع شركة الأمن البريطانية ريستراتا لتدريب سبعة آلاف فرد أمن مصري. هناك أيضًا تعاون بين الطرفين لإنشاء مبنى لتدريب الحراس الشخصيين في مصر. بعد أقل من شهر من توقيع الاتفاق، وقع وزير الداخلية، مجدي عبد الغفار، في 12 من يوليو الماضي، اتفاقية تعاون مع نظيره الألماني، والتي تضمنت تعزيز أمن المطارات في مصر. وفي 17 من يوليو، قام شريف فتحي، وزير الطيران المدني، بزيارة لروسيا لمناقشة استئناف رحلات الطيران بين البلدين. وأفادت تقارير أن الطرفين سيوقعان اتفاقية تعاون في مجال الطيران المدني.
وكانت كل من ألمانيا وروسيا قد أوقفتا رحلاتهما إلى مصر بعد حادث تحطم طائرة الركاب الروسية، ما أدى إلى انخفاض كبير في معدلات السياحة في مصر. ومنذ ذلك الوقت، تطلق مصر الوعود الدولية بشأن تحسين منظومة الأمن في مطارتها.