“أنت الرّئيس“… حركة أطلقها النّاشطان المصريّان حمدي حبيب ومحمّد إمام في ابريل 2014 لمطالبة الفريق أحمد شفيق (وزير الطيران المدنيّ الأسبق وآخر رئيس وزراء في عهد مبارك) بالترشّح لإنتخابات الرّئاسة في عام 2014. ومع ترشّح المشير عبد الفتّاح السيسي (وزير الدّفاع السّابق والرّئيس الحاليّ) للرئاسة وإعلان شفيق رفضه الترشّح أمامه توقّف نشاط الحركة، إلاّ أنّه عاد في شكل ملصقات ملأت الشوارع لدعوة الفريق شفيق إلى الترشّح للإنتخابات البرلمانيّة المقرّر انطلاقها هذا العام.
ويذكر أنّ شفيق خاض الإنتخابات الرئاسيّة في عام 2012 أمام الرّئيس المعزول محمّد مرسي، وانتهت النّتائج بفوز الأخير، ممّا دفع شفيق لتقديم بلاغ إلى النياية العامّة يشكّك في نزاهة الإنتخابات ويشير إلى أنّه تمّ التّزوير في نتائجها. كما غادر مصر، بعد فوز مرسي، إلى الإمارات على خلفيّة بلاغات تقدّم بها عدد من رموز جماعة الإخوان ضده يتّهمونه فيها بإهدار المال العام، ولم يعد حتّى الآن.
وفي 11 أكتوبر/تشرين الأوّل من عام 2012، عزل مرسي النائب العام عبد المجيد محمود (النائب العام منذ عهد مبارك قبل ثورة يناير/كانون الثاني من عام 2011)، وعيّن المستشار طلعت عبد الله، المنتمي إلى حركة قضاة من أجل مصر المحسوبة على جماعة الإخوان، بدلاً عنه، ليفتح بعد ذلك عبد الله تحقيقات حول اتّهام شفيق بإهدار المال العام، عندما كان وزيراً للطيران المدنيّ في عهد مبارك، وهي القضيّة المعروفة إعلاميّاً بقضية “أرض الطيّارين”.
ورغم تبرئة القضاء المصريّ لشفيق في 19 ديسمبر/كانون الأوّل من عام 2013 من كلّ ما نسب إليه من اتّهامات، لم يرفع اسمه من قوائم ترقّب الوصول والمنع من السفر. وفي هذا السّياق، أشار يحيى قدري، وهو محامي شفيق، في حديث لـ”المونيتور” إلى أنّ قرار رفع اسمه من قوائم الوصول ينتظر موافقة النائب العام محمود بركات (الّذي خلف عبد الله، بعد عزل مرسي والإطاحة بنظام الإخوان) وتوقيعه.
وقال حمدي حبيب لـ”المونيتور”: إنّ حركة “أنت الرّئيس” تطالب بعودة شفيق إلى مصر، وبرفع اسمه من قوائم ترقّب الوصول والمنع من السفر أو الكشف عن الأسباب الّتي تؤدّي إلى تعطيل ذلك القرار، رغم براءته من كلّ الاتّهامات المنسوبة إليه منذ أكثر من عام.
ومن جهته، لفت أستاذ القانون في جامعة القاهرة محمود كبيش في حديث لـ”المونيتور” إلى أنّه لا يوجد قانون مصريّ ينظّم وضع أو رفع اسم من قوائم ترقّب الوصول والمنع من السفر، وإنّ الدستور نصّ فقط على أن يكون ذلك بناء على أمر قضائيّ مسبّب حتّى ولو من دون اتّهامات لمدّة محدّدة، وفقاً للمادّة 62 من الدّستور الحاليّ.
أضاف حبيب: “نطالب أيضا بتحريك قضيّة تزوير إنتخابات عام 2012، الّتي رفعها شفيق ولم يصدر فيها حكم حتّى الآن بعد 3 سنوات، رغم أنّ العديد من القضايا الّتي نظر فيها القضاء بعدها، حكم فيها وبتّ في أمرها”.
ويذكر أن المذيعة سحر عبد الرحمن عرضت في برنامجها “مصر ضد الإرهاب” على فضائية “القاهرة والناس”، صورة قالت أنها لرسالة موجهة من حاتم بجاتو، أمين عام اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات الرئاسية 2012 التي تنافس فيها مرسي وشفيق، إلى المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة آنذاك، جاء فيها أن اللجنة القضائية ترى: “ضرورة إتخاذ القرار الأصوب والأنفع لصالح الوطن ومواطنيه رغم مخالفاته لصحيح العرف والقانون وإعلان اسم السيد الدكتور محمد محمد مرسي رئيسا للجمهورية وذلك لتجنيب البلاد صراعا دمويا محتومة في حالة اعلان اسم السيد الدكتور احمد محمد شفيق رئيسا للبلاد…و رفض جميع أشكال الضغوط داخليا وخارجيا وإعلان كافة الحقائق أمام الرأي العام المصري والعالمي وكشف العوار وحالات التلاعب والتزوير الفجة التي شابت العملية الانتخابية برمتها والضغوط والممارسات والتهديدات الاجرامية التي تعرض لها رئيس وأعضاء اللجنة وأسرهم.”، وفقا لنص الرسالة التي حملت تاريخ 20 يونيو 2012.
وللإشارة، كان المجلس الأعلى للقوّات المسلّحة قائماً بأعمال رئاسة الجمهوريّة بصفة موقّتة في الفترة الممتدّة بين 11 فبراير/شباط من عام 2011 (تاريخ عزل مبارك) حتّى 1 يوليو/تمّوز من عام 2012 (تسلّم مرسي الرئاسة)، وشهدت مصر اعتصام الآلاف من مؤيّدي مرسي في ميدان التّحرير في18 حزيران/يونيو 2012 قبل إعلان نتائج الإنتخابات وتهديدات بعض القيادات الإخوانيّة بأعمال تخريبيّة في حال إعلان لجنة الإنتخابات فوز شفيق، وهي جزء من التّهديدات والضغوط المذكورة في الرسالة المنسوبة إلى بجاتو.
وأشارت صحف إلى أنّ اللقاء الّذي جمع بين وزيرة الخارجيّة الأميركيّة السّابقة هيلاري كلينتون وطنطاوي، قبل إعلان نتيجة فوز مرسي، كان للضغط على السلطات المصريّة لتسليم السلطة إلى مرسي.
وقال أستاذ القانون في جامعة القاهرة محمود كبيش لـ”المونيتور”: إنّ تأثير قضيّة تزوير إنتخابات عام 2012 لن يغيّر شيئاً في الوضع السياسيّ القائم، ولن يلغي الشرعيّة القانونيّة والدستوريّة للرّئيس الحاليّ عبد الفتّاح السيسي حتّى لو حكم لصالح شفيق بحقّه في الفوز بإنتخابات عام 2012.
وأشار إلى أنّ قيام ثورة 30 يونيو/حزيران في عام 2013 يلغي تأثير كلّ ما قبلها من أحداث، ويؤسّس لشرعيّة نظام حاكم جديد، هو نظام السيسي، وفقاً لنصوص دستور مصر الحاليّ الصادر في عام 2014، بناء على مطالب ثورة 30 يونيو/حزيران.
وعن فرص شفيق في الفوز بالإنتخابات البرلمانيّة والفوز برئاسة مجلس النوّاب المقبل أو رئاسة الحكومة الّتي سيشكّلها المجلس، قال أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة القاهرة بهاء المغاوري لـ”المونيتور”: “إنّها كبيرة لأنّ لديه شعبيّة واسعة على مستوى المواطنين والأحزاب والقوى السياسيّة. ورغم كلّ الاحترام له ولإنجازاته السّابقة، فإنّه من غير المرغوب في عودته إلى الحياة السياسيّة بسبب إنتمائه إلى نظام مبارك، ممّا قد يؤدّي إلى غضب معارضي ذلك النظام”.
ومن جهته، أشار المحلّل السياسيّ ورئيس مركز يافا للدراسات والأبحاث رفعت السيّد أحمد لـ”المونيتور” إلى أنّ فرص شفيق في الفوز بمقعد برلمانيّ كبيرة، إلاّ أنه رجح أن تكون فرصه في الفوز برئاسة البرلمان أو رئاسة الحكومة المشكّلة من أغلبيّته ضعيفة، وقال: “إنّ اختيار رئيس البرلمان أو الحكومة أمر يخضع إلى اختيارات أغلبيّة البرلمان، ومن الصعب أن تختار الأغلبيّة شفيق بسبب انتمائه إلى نظام مبارك، في ظلّ برلمان يتواجد فيه العديد من معارضي ذلك النظام”.
إنّ عودة شفيق، ربّما تسبّب قلقاً لقضاة لجنة إنتخابات عام 2012، وهم من أعلام القضاء المصريّ وقيادات عسكريّة سابقة مثل المشير طنطاوي، لاقترانها بزيادة التحدّث عن فتح ملف تزوير إنتخابات عام 2012 وعمّا يتردّد عن تورّطهم فيها. وقد يزداد الأمر حساسيّة في ظلّ الاتّهامات الّتي يوجّهها ناشطون للقضاء بأنّه مسيّس، وربّما كان ذلك السبب وراء تصريحات السيسي خلال المؤتمر الصحافيّ في ألماني في 3 حزيران/يونيو 2015ا، الّتي أكّد فيها أنّ مرسي كان الفائز الحقيقيّ في إنتخابات عام 2012.
من احمد فؤاد