القاهرة – أصبح الملف الليبيّ الآن حاضراً بقوّة على أجندة إدارة الرّئيس عبد الفتّاح السيسي، ومثار اهتمام وجدل واسع لدى الرأي العام المصريّ بعد توسّع عمليّات اختطاف المصريّين وقتلهم على أيدي الميليشيات المسلّحة التّابعة لتنظيم الدولة الإسلاميّة في ليبيا، وكان آخرها ذبح 21 قبطيّاً مصريّاً في ساحل طرابلس، وهو ما استدعى القاهرة للتدخّل والتوسّط لدعم قدرات الجيش الليبيّ العسكريّة في مواجهة الميليشيات.
وقبل أسبوعين وخلال زيارة الرّئيس الروسيّ فلاديمير بوتين للقاهرة في 9 فبراير/شباط ، وصل إلى القاهرة، رئيس الأركان في الجيش الليبيّ عبد الرّازق الناظوري، في زيارة غير معلنة، حيث التقى مسؤولين عسكريّين روسيّين رافقوا بوتين للاتّفاق على صفقات جديدة لتوريد الأسلحة الروسيّة إلى الجيش الليبيّ.
وقال النّاطق الرسميّ باسم رئاسة الأركان في الجيش الليبيّ العقيد أحمد المسماري، في حديث لـ”المونيتور”: “إنّ تسليح الجيش الليبيّ كان على طاولة الحوار بين الرّئيس المصريّ ونظيره الروسيّ خلال مباحثاتهما في القاهرة”.
وأكّد المسماري في حديثه أهميّة السلاح الروسيّ للجيش الليبيّ في الحرب الّتي يخوضها الآن ضدّ الإرهاب والميليشيات المسلّحة الّتي باتت تسيطر على أجزاء واسعة من التراب الليبيّ، وقال: “لدينا عقود تسليح مع روسيا منذ قبل ثورة 17 فبراير بعشرات مليارات الدولار ولو فعّلت سيحسم الجيش الليبيّ المعركة الحاليّة بسرعة”.
أضاف: “إنّ تسليح الجيش الليبيّ منذ تشكيله كان شرقيّاً من روسيا، فلدينا كفاءات عسكريّة وفنيّة قادرة على استخدامه في شكل مباشر”.
وأكّد أنّ خيار التّسليح الأفضل أمام ليبيا الآن هي روسيا.
ولا تزال الإدارة العسكريّة الليبيّة تعاني من قرار مجلس الأمن رقم 1973 الصادر في 17 مارسآذار، بحظر تسليح الجيش الليبيّ وإمداده بالذخائر، وفرض عقوبات عدّة، منها فرض حظر جويّ فوق ليبيا.
وقال المسماري: “ندعو الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى التّصويت العاجل لرفع قرار حظر التّسليح عن الجيش، لأنّه سيحدث فارقاً كبيراً في قدرات الجيش لمواجهة الإرهاب”، مطالباً بإمداد الجيش الليبيّ في شكل سريع وفوريّ بالأسلحة والذخائر والتقنيّات العسكريّة الحديثة.
وأوضح مصدر ديبلوماسيّ مصريّ، مطّلع على المباحثات المصريّة – الروسيّة الأخيرة في حديث مع “المونيتور”: “هناك توافق مصريّ – روسيّ حول الأزمة الليبيّة وطرق التدخّل لحلّها، من خلال دعم التيّار المدنيّ المتمثّل في مجلس النوّاب المنتخب وحكومة عبد الله الثني الانتقاليّة والجيش الوطنيّ الليبيّ”.
أضاف المصدر، الّذي طلب عدم ذكر اسمه لأنّه غير مخوّل الحديث في الإعلام: “إنّ المباحثات تضمّنت كيفيّة تقديم الدّعم العسكريّ الروسيّ المباشر وتوريد الأسلحة إلى الجيش الليبيّ في ظلّ قرار الحظر الدوليّ، وحثّ روسيا على تحريك الملفّ داخل مجلس الأمن”.
ومنذ الضربة الجويّة الّتي وجّهها الجيش المصريّ على معاقل لتنظيم الدولة في مدينة درنة الليبيّة فجر 16 فبراير، على خلفيّة ذبح 21 قبطيّاً مصريّاً في ساحل طرابلس، بدأ تحرّك مصريّ دوليّ واسع للدعوة إلى فكّ حظر تسليح الجيش الليبيّ والتدخّل الدوليّ السريع من أجل حلّ الأزمة الليبيّة، حيث كلّف الرّئيس عبد الفتّاح السيسي وزير الخارجيّة المصريّ نقل هذه المطالب إلى الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة في نيويورك.
وقال الخبير العسكريّ والأمنيّ خالد عكاشة في حديث لـ”المونيتور”: “إنّ المشكلة الآن لا تقتصر على من سيعطي الجيش الليبيّ السلاح، فالكلّ يعلم أنّ الجانب الروسيّ مستعدّ وجاهز لتقديم السلاح وتنفيذ الصفقات العسكريّة بسرعة”.
أضاف: “إنّ المأزق الآن هو عدم إمكان خرق القرار الدوليّ بحظر التّسليح المفروض على الجيش الليبيّ، وهي القضيّة الأساسية الّتي لم تتطرّق إليها جهود مباحثات جنيف، الّتي قادها المبعوث الأمميّ برناردينو ليون بين الأطراف الليبيّة”.
ورغم حظر التّسليح المفروض على ليبيا، إلاّ أنّ مصدراً عسكريّاً ليبيّاً مطّلعاً الّذي طلب عدم ذكر اسمه، قال في حديث مع “المونيتور”: “لدينا معلومات مؤكّدة عن تسلّل كميّات كبيرة من الأسلحة في شكل غير شرعيّ إلى الميليشات المسلّحة تدفع بها دول مثل السودان”.
أضاف المصدر: “نحن جاهزون لتقديم هذه المعلومات الموثّقة إلى كلّ الأطراف الدوليّة المعنيّة، خصوصاً على صعيد الدول الأعضاء في مجلس الأمن”.
ورغم الزّخم السياسيّ والعسكريّ والتّصعيد الدوليّ الّذي تقوده القاهرة من أجل الملف الليبيّ الآن، لا تزال التساؤلات قائمة حول مدى إمكان تفاعل المجتمع الدوليّ مع المطالب المصريّة – الليبيّة في مواجهة الإرهاب وتشكيل تحالف دوليّ جديد لمحاربة تنظيم الدولة في ليبيا.
آية امان