الأربعاء , 7 يونيو 2023
الرئيسية / Normal / إرهاب الفرافرة.. الدروس المستفادة

إرهاب الفرافرة.. الدروس المستفادة

تمثّل العملية الإرهابية التي تمت في واحة الفرافرة بالوادي الجديد مؤخراً، نقلة نوعية في حوادث العنف المسلح بوجه خاص والإرهاب بوجه عام، وقد جرت في التوقيت والمكان غير المتوقعين حيث الحرب الإسرائيلية علي غزة في الجبهة الشمالية – الشرقية، في حين تمت عملية الفرافرة في الجبهة الجنوبية – الغربية بمحافظة الوادي الجديد، وقد أثارت تلك الحادثة

صدمة للكثيرين لأنها جرت في شهر رمضان الذي استهدف فيه 16 مجنداً من قبل علي يد عناصر تورطت حماس بالمشاركة فيها أو العلم بها وإن نفت ذلك فيما بعد دون تقديم أن أدلة تبت عدم تورطها وهي التي تورطت من قبل في حوادث اقتحام السجون بالجرافات وأسلحة الآر بي جي للإفراج عن قيادات إخواني وحماس وحزب الله المحبوسين في السجون خلال ثورة يناير، كما تمت عملية الفرافرة مؤخراً باستخدام سيارات الدفع الرباعي وأسلحة الآر بي جي أيضاً كما تم في استهداف الجنود المصريين من قبل، وإن كانت عملية الفرافرة الأكثر بشاعة بسبب كثرة عدد الضحايا من ضباط وجنود الجيش (ضابطان وصف ضابط و21 جندياً مصريا) وقد تم اكتشاف علم القاعدة في إحدي السيارات المستخدمة في العملية الإرهابية القذرة، مما يرجح تورط تنظيم القاعدة في العملية الإرهابية، في الوقت الذي ألقي فيه البعض بالاتهامات علي جيش مصر الحر في ليبيا المدعوم من الإخوان بالتورط في الحادث لقرب ميعاد وقوعه من الحدود الغربية المصرية – الليبية التي أصبحت منفذاً لتهريب السلاح بكافة أنواعه وتسلل الإرهابيين خصوصاً بعد إسقاط الإخوان وعزل مرسي من الحكم بعد ثورة 30 يونية 2013.
في تقديري إرهاب الفرافرة يتطلب وقفة خاصة، لأن هذه العملية نقطة فاصلة في مواجهة الإرهاب، ولا يمكن التعامل معها بمنطقة الثأر فقط أو عبر نقل لواء من المنطقة الجنوبية – الحدود المصرية – السودانية – إلي محافظة الوادي الجديد للتصدي لأية عمليات إرهابية جديدة، لان مواجهة الإرهاب تتطلب رؤية أعمق وأشمل يشارك فيها المخصصون من خبراء الإرهاب والإعلام والأزهر والداخلية والقانون وهذا كله غير مواجهة الجريمة المعادية التي لا تحتاج إلا تغطية المنافذ المؤدية إليها فقط لمنع تكرار وقوعها.
إرهاب الفرافرة يتطلب أولاً تحديث استراتيجية مكافحة الإرهاب بالوسائل التقليدية إلي استخدام وسائل غير تقليدية، فالعملية الأخيرة التي تمت في الوادي الجديد تفي ببساطة ضرورة استخدام طائرات الهليكوبتر في مطاردة الإرهابيين الذين يتسللون عبر الحدود، مع الاستعانة بأجهزة الرؤية الليلية وأجهزة المسح الأرضي مثل تلك التي تستخدمها إسرائيل علي الحدود المصرية والفلسطينية لمنع تسلل المتسللين والفدائيين، كما يتطلب الأمر ضرورة الاستعانة بخدمات قصاص الأثر من البدو الذين يقطنون المناطق الصحراوية المتأخمة علي الحدود سواء السودانية أو الليبية أو الشمالية الشرقية مع إسرائيل وفلسطين، كذلك يتطلب الأمر تضييق نطاق المراقبة فالمعروف أن الصحراء الغربية مترامية الأطراف، وبالتالي لا يصح أن تكون هناك مسافة طويلة بين كل مركز مراقبة وآخر، خصوصاً أن المنطقة الغربية تمثل مركز الثقل التنموي لمصر والسنوات القادمة بعد تدشين ممر التنمية الذي يربط توشكي بالإسكندرية تنشأ خلاله محافظات ومدن جديدة في موازاة وادي النيل القديم لإقامة مراكز تنموية زراعية وصناعية وسياحية جديدة تمثل نقلة حضارية هائلة لمصر في السنوات القادمة، وبالتالي لا يصح أن تكون تلك المدن مستباحة لهجمات تنظيمات إرهابية سواء تنتمي للقاعدة أو الإخوان أو جيش مصر الحر أو أخبار بيت المقدس.
كما تتطلب استراتيجية مكافحة الإرهاب بعد عملية الفرافرة دراسة المتورط في الحادث، فإذا كان الفاعل جيش مصر الحر كما يقال – رغم النفي الرسمي لوجود هذا الجيش – فيمكن دراسة القيام بعملية نوعية في العمق الليبي لوقف تلك الهجمات دون التورط في حرب استنزاف أو عملية عسكرية واسعة النطاق تكرر مأساة حرب اليمن، لكثرة التنظيمات الإرهابية في ليبيا ولأنه ليس لديها ما تخسره لانها تنفذ أجندات سياسية لحساب آخرين سواء من القوي الإقليمية أو الدولية.
مصر بعد إرهاب الفرافرة أصبحت مستباحة ويجب أن تتوقع أية ضربة إرهابية من أي مكان سواء من الشمال الشرقي أو الجنوب أو الغرب، والمهم الاستعداد جيداً لعدم تكرار تلك الحوادث في المستقبل، وهذا يتطلب أن نسبق الإرهابيين بخطوة لا أن نتخلف عنهم بخطوة.

طلعت المغربي

الوفد

.نُشرت هذه المقالة في الأصل هنا

 

طلعت المغربي