“ضرب وتعليق وصعق بالكهرباء واعتداء جنسي، في الحجز والزنزانة والشارع حتى في دار ما يسمى بالعدالة.. دار القضاء العالي”، كان ذلك تعليق مركز النديم العام الماضي في اليوم العالمي لمناهضة التعذيب 26 يونيو 2013.
وعلى اختلاف الوجوه بقي النظام ذاته، يستخدم سلاح التعذيب في أبشع صوره، بداية من مقتل خالد سعيد، وحتى اليوم.
تعذيب داخل مناطق الاحتجاز
80 حالة وفاة، كان ذلك عدد الذين لقوا حتفهم داخل مناطق الاحتجاز، سواء أقسام الشرطة أو السجون المصرية خلال سبعة أشهر منذ ثورة 30 يونيو، بحسب ويكي ثورة، شملت تلك الوقائع شبهات التعذيب، والقتل خارج إطار القانون.
بالفيديو..والد قتيل قسم المطرية: وجدت ثقبًا برأسه وآثار تعذيب بوجهه
لم تقتصر وقائع التعذيب على أقسام الشرطة، بل امتدت إلى الأطفال داخل دور الرعاية خاصة في الإسكندرية، فحالات مستمرة من الاعتداءات تمت على الأطفال المعتقلين داخل دار رعاية كوم الدكة بالإسكندرية.
وما بين الكدمات والكسور والاعتداءات بالضرب، وجد أهالي الفتيات المعتقلات بسجن القناطر بناتهم عقب أول زيارة لهن عقب الاعتداء عليهن يوم 10 يونيو 2014.
زيادة معدلات التعذيب
359 حالة تعذيب موثقة، و217 حالة قتل، بمعدل 77 حالة تعذيب، و55 حالة قتل في الفترة من يونيو 2012، حتى ديسمبر 2013، و161 حالة قتل في الفترة من يناير 2013 حتى مايو 2013، طبقًا لتقرير مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب عن حالات القتل والتعذيب في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، مؤكدين تزايد معدلات التعذيب في مصر.
وطبقًا للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فإن فترة حكم مرسي شهدت ما يقرب من 300 حالة تعذيب فردية، لا تتضمن حالات سوء المعاملة الجماعية في فض الإضرابات والاعتصامات والمظاهرات، وما يقرب من 157 حالة قتل في المظاهرات وأقسام الشرطة والسجون، ولم يتضمن ذلك الحصر أكثر من 60 جثة، قيل إنها مجهولة سلمتها أقسام الشرطة للمشرحة وصرحت النيابة بدفنها، بحسب المبادرة.
وفي الفترة من يونيو 2013، حتى مايو 2014، وثق مركز النديم 196 حالة تعذيب ممن ترددوا عليه فقط، من بينهم 26 حالة أقل من 18 عامًا، و59 حالة ما بين 19 و25 عامًا، ومن بينهم 10 حالات عنف ضد النساء.
خريطة التعذيب
لم تختلف خريطة التعذيب في مصر منذ عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، حتى الآن، فما بين التعذيب داخل أقسام الشرطة في كل المحافظات، والسجون، لكن أضيف إليها مقرات أخرى.
ورصد مركز النديم عددًا من الأقسام التي استمر فيها التعذيب، ومنها قسم أول مدينة نصر، وقسم ثان مدينة نصر، وقسم مصر الجديدة، وبولاق الدكرور، وبولاق أبو العلا، وقصر النيل، والوايلي.
وأوضح أن جماعة الإخوان أضافت مقرات مستحدثة للتعذيب تمثلت في التعذيب داخل دار القضاء، وداخل مقر الأمن الوطني، وداخل معسكرات الأمن المركزي، وأمام قصور الرئاسة، وأمام مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين بالمقطم.
وتزايدت بكثرة عمليات التعذيب والاحتجاز داخل معسكرات الأمن المركزي، كمعسكر أمن طرة، ومعسكر الجبل الأحمر، تعرض داخلها عدد من النشطاء لأنواع من التعذيب كالضرب والسحل والاغتصاب والتحرش، وصلت إلى حد ربطهم بسلاسل وإجبارهم على أن “يهوهو” مثل الكلاب، وفقًا لمركز النديم، كان أشهر تلك الحوادث، حادثة قتل الشهيد محمد الجندى أثناء تعذيبه داخل معسكر الجبل الأحمر.
حصاد عام
وتقول ماجدة عدلي، مديرة مركز النديم لتأهيل ضحايا التعذيب، إن أعداد ضحايا التعذيب تزايد مستمر، وعلى الرغم من تبني الشعب الدعوة للحرية والكرامة الإنسانية في يناير، إلا أنه للأسف لم يتحقق ذلك.
وأضافت أنه منذ أيام المجلس العسكري ينادي الشعب والمنظمات الحقوقية بإعادة هيكلة الداخلية، لكنه لم يحدث، باعتبارها أهم خطوة في تاريخ استعادة الكرامة الإنسانية للمواطنين.
ووصفت اليوم العالمي للتعذيب في مصر بيوم “طعمه مر”، قائلة: “لما بنراجع حصاد سنة من الانتهاكات في الشارع وأقسام البوليس والسجون أمن الدولة وضد الطلاب داخل الجامعات، على الرغم من معرفة حدوثها، إلا أننا لا نعرف وزنها إلا وقت حصادها في نهاية العام”.
وأضافت سوزان فياض، الطبيبة بمركز النديم لتأهيل ضحايا التعذيب، أن هذا العام يختلف في السياق الذي يأتي فيه اليوم العالمي لمناهضة التعذيب، موضحة أنه في السابق كانت التقارير تأتى في ظلال ما يسمى بهامش الحرية الذي اشتهر به نظام مبارك، وبالرغم من كونه كان هامشًا ضيقًا، إلا أنه في ظله تمتع المواطن ببعض الحماية القانونية، وفي أعوام الثورة كان محميًا في ظل الشرعية الثورية، فغلت يد الداخلية وجهاز أمن الدولة وتوقفت الاعتداءات لفترة على المواطنين.
وأوضحت أنه عقب ما وصفته بـ”الهزيمة التي لحقت بثورة يناير” في 30 يونيو، وانتفاض الشعب لإنشاء نظام جديد، تم تدشينه بموافقة شعبية ساحقة لاستعادة الاستقرار، قائلة إن ذلك تم بمزيد من سفك الدماء ومصادرة المزيد من الحريات، ما خلف استقرارًا هشًا وزائفًا، يدفع المجتمع من خلاله مزيدًا من القتلى والمصابين والمعتقلين، قائلة: “ذلك استقرار قائم على القمع والظلم، والدولة التي يسعون لاستعادة هيبتها، هي نفس الدولة التي اشتهرت بأنها دولة اللاقانون ودولة قائمة على البطش بشعبها وتعصف حتى بقوانينها”.
تعتيم داخل السجون
وأضافت أن في شهر يونيو وحده أصدرت 10 منظمات حقوقية 3 مرات بيانات ترصد فيها وقائع تعذيب فى السجون، وفقًا لشهادات الأهالي أثناء زيارة أبنائهم، في سجون وادي النطرون وسجن القناطر للنساء ودار رعاية كوم الدكة.
وأوضحت أنه على الرغم من تقديم بلاغات للنائب العام، إلا أنه لم يتم التحقيق في انعدام تام للشفافية وتعتيم على ما يحدث داخل السجون.
وتابعت قائلة: “هناك كذب تام من وزارة الداخلية، هناك مصادر صرحت من الداخلية أنه لم يحدث شيء في وادى النطرون والقناطر ولا يوجد تعذيب، زي ما يكونوا عايزين يجننونا”.
وأشارت إلى أنه في يوم 16 يونيو وحده حدثت 3 حوادث قتل تحت التعذيب داخل أقسام الشرطة، وهى أقسام إمبابة والبساتين وعين شمس، موضحة أنه حدثت عقبها حالتا وفاة ليصبح العدد 5 حوادث في شهر يونيو وحده.
وأضافت أن ما وصفته بـ”المذابح التي عقبت 30 يونيو”، بدأت عقبها بخمسة أيام، واستمرت لمدة شهر ونصف، مشيرة إلى أن أول حادثة وفاة داخل أقسام الشرطة هذا العام تم تسجيلها في 11 سبتمبر في قسم الدرب الأحمر، موضحة أنه ربما تكون هناك حوادث قبلها، لكن لم يتم تسجيلها، ووقعت الحادثة الثانية في 18 سبتمبر بوفاة المواطن الفرنسي في قصر النيل، وكانت “فضيحة”، على حد قولها، موضحة أن حالات التعذيب والوفيات داخل أقسام الشرطة وسقوط القتلى لم يتوقف حتى اليوم.
نادية أبوالعينين
مصر العربية
.نُشرت هذه المقالة في الأصل هنا